الثلاثاء، 28 فبراير 2012

بـِكَمْ قـلم تكتبْ ؟!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
ولوجاً في الموضوع مباشرة.. إن الخطر كل الخطر أن يمسك بالقلم من لا يعرف قدره وجلاله، فيحيله إلى أداة للنفاق والتملق، أو يجعل منه بوقاً لنشر الأكاذيب ونثر والفتن، بحثاً عن صيدٍ في ماءٍ عَكِر.

وبذا فلا يخفى على ذوي العقول السويَّة، والضمائر اليقظة النقية، والأقلام الشامخة الشريفة، أن أثقل أمانة تقع على كاهل كل صاحب فكر أو رأى تتمثل في أمانة الكلمة، إذ الكلمة التي تــُنْقل أمام عين القارئ على هيئة خبر، أو معلومة، أو فتوى، أو رأى، أو خلافه عبر نزيفِ الأقلام، إنما تمثل عند قطاع عريض من الناس حقيقة لا تقبل الشك، بل ويُنبني عليها في غالب الأحيان ردود أفعال متباينة وغير متوقعة، إذا ما اتصلت بقضية تشغل الرأي العام.

إنَّ الصحفي أو الكاتب الذي يَخُطُّ بيمينه مادة مُغرضة، محاولاً أن يخدع الناس بها، ويدفعهم - بلا ضمير- نحو منطقة التمرد والنفور من الحياة، حتى لا يعرف الناس لماذا يقبلون هذا أو يرفضون ذاك.. لا يجب أنْ يُترك بلا حساب، لأن لكل شيء حدود، ولكل حرية سقف، ولكل قلم ضوابط، ولكل مهنة أخلاق حاكمة، ولذلك فإن كل خروج عن هذه الأُطر العامة يمثل في رأيي جريمة في حق المجتمع ككل، ولست مع الذين يريدون حرية مطلقة بلا حدود ولا قيود في مجال الكتابة والتعبير، فقد أثبتت التجارب المتعاقبة أن بعض الأقلام تنجرف بلا مبرر نحو النقد الهدام الذي يهدد استقرار المجتمعات وأمنها، وعليه فإلى جوار أخلاق المهنة ومواثيق الشرف يجب وضع آليات قانونية للحد من حالات الشطط والخروج عن العرف العام.

فليس من الحرية، أو السبق الصحفي، أو ما شابه، أن تقدح أقلامٌ وتفضح وتذم وتشكك، بلا معنى ولا مغزى ولا هدف، إلا الرغبة الجامحة في تحقيق الانتشار، والشهرة وذيوع الصيت، ولو كان ذلك على حساب الحق والحقيقة، مُستغلة حلاوة المنطق وسحر العرض لإيقاع القارئ في فخ التصديق بما سودته على وجوه الصحف زوراً وبهتاناً.

إن القلم من أهم وأعظم أدوات الفكر، بل وأشدها خطورة وتأثيراً في تشكيل أفكار ووجدان الناس، ولما كان هذا هو شأن القلم جاءت الإشارة إليه من رب السماء في أول آيات نزلت من القرآن الكريم، قال الله تعالى: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}، بل جاء القسم الإلهي به في مستهل سورة سُمِّيت باسمه.. قال الله: { نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ*مَا أنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }، ليقيم الله تعالى البرهان الساطع على سمو شأن القلم في حياة البشر.

ذلك لأن القلم هو سفينة المعرفة وقارب العلم وشراع الفكر، وكيف لا وبمداد الأقلام خُطت آيات الذكر الحكيم، وسُطِّرت أحاديث النبي الكريم؟ وكيف لا وبأسنة الأقلام صيغت أحرف التاريخ القديم والحديث، ونقشت روائع الأدب؟ وكيف لا وقد قصت الأقلام علينا قصص الأولين لنلتمس منها العبرة والعظة؟.

فلا سياحة أجمل ولا أروع من جولة في الماضي عبر تاريخ أمة أو مكان أو إنسان أو حدث، تلك التي تأخذنا إليها أسنّة الأقلام التي ترصد وتصف وتجسد مشاهد الحركة الإنسانية بكل تفاصيلها وجزئياتها، وكأن الذي يقرأ يستمع إلى أحاديث القوم ويرى أحداثهم، أو تدعونا تلك الأقلام على وجبة فكرية دسمة عبر أدب رفيع أو مقال بديع، أو تبصرنا تلك الأقلام بحقائق الواقع من خلال خبر صادق يُساق في صحيفة أو معلومة موثقة تُعرض من خلال موقع.

إن الأمة قد تمر ببعض المنعطفات أو تنزل بها بعض الأزمات، فالحياة لا تخلو من صفو وكدر، وهنا فالواجب أن تهب كل الأقلام وتقف في صعيد واحد جاعلة من مدادها نوراً يكشف الطريق ويوضح الحقيقة المجردة، لا أن تُستغل هذه الظروف لإثارة البلبلة وإشاعة الفتنة والفرقة بين الناس، لأن للأمة ثوابت لا يجب أن تُمس، وحرمات لا يجب أن تُنتهك، لكن للأسف عاثت بعض الأقلام فساداً في الأرض فقبّحت باسم حرية النقد أهل الفضيلة، وقلبت باسم حرية الفكر كل الحقائق.

إنَّ أصحاب الأقلام الملونة سيتساقطون كأوراق الخريف.. حين تهبُّ رياح الحقيقية!.

http://www.aleqt.com/2012/02/28/article_631267.html 

الأحد، 26 فبراير 2012

عبد القادر مصطفى يكتب.. يا حكومة: ابنك على ما تعوديه..!


الأحد، 26 فبراير 2012 - 16:09
كمال الجنزورى 
كمال الجنزورى
Add to Google
لا أعرف متى بدأ المسلسل، لكنه بدأ ومارس جلد حياتنا بحلقاته المُملة.. حلقة عن طابور غاز البوتاجاز، وحلقة عن طابور رغيف العيش.. حلقتان جهنميتان تحرقان الأعصاب، وما تبقى فى عروقنا من دماء، وما تبقى فى وجداننا من كرامة!.

كُنا نعيش فى قـُرانا الريفية الجميلة اكتفاءً ذاتياً من الوقود ومن الخبز.. نجمع قش الأرز، وحطب القطن والذرة، فى بالات وحزم، ثم نرصها رصاً منتظماً على هيئة صفوف فوق أسطح منازلنا، أو على رؤوس حقولنا، ليكون ذلك هو وقودنا الذى نشعل به أفراننا ومواقدنا البسيطة التى صنعناها بأيدينا!.


القشُّ كان غازنا، ورغيفٌ نصنعه فى أفراننا الطينية كان خبزنا، ولم نمل من ذلك أبداً، ولم نشكو لأحد.. بل تكيفنا ورضينا بحياتنا الريفية البسيطة الخالية من المنغصات والمكدرات.


إلا أن الحكومة أبت إلا أن تخرجنا من تخلف القش والخبز البلدى إلى حضارة أسطوانة الغاز والخبز الآلى، بأن قالت: القش والحطب مساكن جالبة للفئران المخربة والثعابين السامة، وحَرْقه فى الأفران البلدى مُلوث للبيئة ومُعكر لصفو النسيم، ومَكمن لاندلاع الحرائق، وعليه فلا قش ولا أفران طينية ولا خبز بلدي، وإليكم الحل: أسطوانة غاز، وفرن آلى للخبز.. «يا فرحتى!».


تركنا ما تعودنا وما عشنا عليه سنين طويلة ومشينا وراء الحكومة لثقتنا العمياء فى بديلها المتحضر، حرقنا القش فى الحقل بدلاً من حرقه فى الفرن.. لربما كان الدخان غير الدخان، وهدمنا المواقد والأفران.. ثم رحنا ننتظر البوتاجاز والخبر الآلي.. « يا فرحتك يا خالى!».


قالت لنا الحكومة: عملاً بالنظام لابد من الاحتكام إلى قاعدة الطابور أمام فرن العيش الآلي، ومستودع أسطوانات الغاز.. قلنا لا ضير من الطابور ما دام فى سبيل المدنية والعيشة «الهنية».. وقفنا، ولم نكن نعلم أن الطابور سيتمدد كلما أشرقت شمس أو جاء ليل، ولم نكن نعلم أن «المحاسيب» لا طابور لهم ولا هم يحزنون.. يتسللون فيأخذون ما يريدون.. حتى جاء الوقت الذى شعرنا فيه بنشوة النجاح حين الفوز بأنبوبة غاز أو بعشرة أرغفة من الخبز.. بل حمدنا الله وسجدنا له شكراً على النعمة!.


الآن، لا طابور.. انتهى وقت إراقة الكرامة، وجاء وقت إراقة الدم.. من ندرة الغاز تقاتل الناس فمات بعضهم وسجن الآخرون.. من ندرة الغاز بحثنا عن «واسطة» لنظفر بأنبوبة بثلاثين جنيهاً.. من ندرة الغاز وقفنا على الطرقات فى عزِّ البرد لننتظر الأنابيب.. من ندرة الغاز فكرنا بل عدنا إلى جمع الخشب استعداداً للعودة للمواقد والأفران!.


يا حكومة: أنت من عودنا، وللاحتكار أسلمنا، وللجشع رمانا.. «نروح فين يا حكومة؟؟!».


من فضلك انصحينا بالعودة إلى ماضينا...!!!


-
المقال منشور باليوم السابع وهذا رابطه

يا حكومة "ابنك على ما تعوديه"!!


 
                                                         طابور عيش - صورة ارشيفية

بقلم عبدالقادر مصطفى  
لا أعرف متى بدأ المسلسل، لكنه بدأ ومارس جلد حياتنا بحلقاته المُملة.. حلقة عن طابور غاز البوتاجاز، وحلقة عن طابور رغيف العيش.. حلقتان جهنميتان تحرقان الأعصاب، وما تبقى في عروقنا من دماء، وما تبقى في وجداننا من كرامة!.
كُنا نعيش في قـُرانا الريفية الجميلة اكتفاءً ذاتياً من الوقود ومن الخبز.. نجمع قش الأرز، وحطب القطن والذرة، في بالات وحزم، ثم نرصها رصاً منتظماً على هيئة صفوف فوق أسطح منازلنا، أو على رؤوس حقولنا، ليكون ذلك هو وقودنا الذي نشعل به أفراننا ومواقدنا البسيطة التي صنعناها بأيدينا!.
القشُّ كان غازنا، ورغيفٌ نصنعه في أفراننا الطينية كان خبزنا، ولم نمل من ذلك أبداً، ولم نشك لأحد.. بل تكيفنا ورضينا بحياتنا الريفية البسيطة الخالية من المنغصات والمكدرات.
إلا أن الحكومة أبت إلا أن تخرجنا من تخلف القش والخبز البلدي إلى حضارة أسطوانة الغاز والخبز الآلي، بأن قالت: القش والحطب مساكن جالبة للفئران المخربة والثعابين السامة، وحَرْقه في الأفران البلدي مُلوث للبيئة ومُعكر لصفو النسيم، ومَكمن لاندلاع الحرائق، وعليه فلا قش ولا أفران طينية ولا خبز بلدي، وإليكم الحل: أسطوانة غاز، وفرن آلي للخبز.. « يا فرحتي! ».
تركنا ما تعودنا وما عشنا عليه سنين طويلة ومشينا وراء الحكومة لثقتنا العمياء في بديلها المتحضر، حرقنا القش في الحقل بدلاً من حرقه في الفرن.. لربما كان الدخان غير الدخان، وهدمنا المواقد والأفران.. ثم رحنا ننتظر البوتاجاز والخبر الآلي.. « يا فرحتك يا خالي! ».
قالت لنا الحكومة: عملاً بالنظام لابد من الاحتكام إلى قاعدة الطابور أمام فرن العيش الآلي، ومستودع أسطوانات الغاز.. قلنا لا ضير من الطابور ما دام في سبيل المدنية والعيشة « الهنية ».. وقفنا، ولم نكن نعلم أن الطابور سيتمدد كلما أشرقت شمس أو جاء ليل، ولم نكن نعلم أن «المحاسيب» لا طابور لهم ولا هم يحزنون.. يتسللون فيأخذون ما يريدون.. حتى جاء الوقت الذي شعرنا فيه بنشوة النجاح حين الفوز بأنبوبة غاز أو بعشرة أرغفة من الخبز.. بل حمدنا الله وسجدنا له شكراً على النعمة!.
الآن، لا طابور.. انتهى وقت إراقة الكرامة، وجاء وقت إراقة الدم.. من ندرة الغاز تقاتل الناس فمات بعضهم وسجن الآخرون.. من ندرة الغاز بحثنا عن « واسطة » لنظفر بأنبوبة بثلاثين جنيهاً.. من ندرة الغاز وقفنا على الطرقات في عزِّ البرد لننتظر الأنابيب.. من ندرة الغاز فكرنا بل عدنا إلى جمع الخشب استعداداً للعودة للمواقد والأفران!.
يا حكومة: أنت من عودنا، وللاحتكار أسلمنا، وللجشع رمانا.. « نروح فين يا حكومة؟؟! ».
من فضلك انصحينا بالعودة إلى ماضينا...!!!

السبت، 18 فبراير 2012

هل أخطأت أمي ؟!





عبد القادر مصطفى عبد القادر
تحدث إليَّ ودموع الأسى تنثالُ من عينيه، فقال: مات أبي فجأة وترك مسؤولية تربيتي وثلاثة من إخوتي إلى أمي بنتُ الثامنة والعشرين، التي لم تكن تعرف من الحياة إلا إدارة البيت.. تنظيفاً للمكان وطهياً للطعام!.

ولأن أمي قد نَبتت من أصل طاهر طيب قررتْ أنْ تقطع صلتها بكل ما تشتهيه من متاع الدنيا، وأن تجعل من ذلك طاقة تدفعها نحو ما ألزمت نفسها به أمام ربها، من تربيتنا على المبادئ والأخلاق والضمير، متحرية سُبل الحلال، شامخة في الميدان بقوة الرجال!.

رحَل أبي عن الحياة وتركَ لنا هكتارين إلا قليلاً من أرضٍ زراعية تناثرت في ثلاثة أماكن متباعدة، وكان لِزاماً أنْ تجد الأرض من يرعاها، ولم يكنْ أمام أمي إلا أن تفعل وأكبر أبنائها لم يتجاوز السابعة من عمره، في وقت عَزَّ فيه السند من قريب أو بعيد!.

لقد رأيتُ أمي تضربُ بالفأس، وتحرثُ الأرض، وتحلبُ الضرع، وتحمل فوق الظهر والرأس، مرددة وهي تفعل كلام الله وأسمائه الحسنى لتستمدَ من خالقها القدرة والصبر والحكمة.. كان الحرُّ قاسياً يَجْلِدُ الظهر بسياطه، والأرض صلبة تلوي حدَّ الفأس، ولكن عون الله مضى في عروق أمي فأخرج منها إرادة أقوى من الحرِّ والحديد، ومن عنفوان الأرض!.

كانتْ أمي تغرس في الحقل زرعاً عليه نعيش، وتغرس في ضمائرنا قيماً عليها نحياها، وكلما انتفش الزرع في الحقل وتفرع، وكلما انتفش الأولاد في الحياة وتقدموا، كانت ترتسم علامات السعادة على وجه أمي فتكسوه بشراً، وعلامات الرضا تنداح بين يدي خالقها شكراً!.

ومضت الأيام على تلك الوتيرة الحميدة، زروع تزهر وتثمر، وأبدان تنمو، وعقول تتوقد، وقلوب بالإيمان تصعد، وضمائر بخشية الله تعمل.. كانت منظومة قدرها القادر سبحانه لأمي الضعيفة في المبنى، القوية في الإرادة والإيمان، لتقود السفينة في هذا اليمِّ الخضمِّ، قائمة بدور الأب باقتدار، وبدور الأم بمهارة، حتى تخرَّجنا جميعاً من جامعة الحياة رجالاً أقوياء نعرف الله، ونساء كريمات متحليات بشرع الله، إضافة إلى شهادات علمية اجتزناها ببراعة من جامعات علمية متعددة.

الآن وقد تزوجنا وبالأولاد رُزقنا، ولنا وظائفنا التي نعمل فيها.. فلله الفضل والمنة، ولأمي الجليلة آيات الحب والوفاء.. الآن نواجه معضلة لم نشعرْ بها وقت أن كنَّا طيوراً خُضراً تحت جناحي أمي، فلما نضجت أجنحتنا وطرنا، عصفت بنا المعضلة الآتية :

لقد نسجت أمي - عبر تربيتها الدءوبة - في لحومنا وعظامنا وخلايانا معنى كلمة حق، وضمير، وإتقان، واجتهاد.. الخ، وهي معانٍ لا نقدر على التخلي عنها لأنها جزء من تركيبتنا الثقافية والفكرية والسلوكية، بل والبدنية.. نقول الحق الذي تعلمناه فينزوي عنا المحيطون، نتحرى الإتقان فيسخر منا الآخرون.. يقولون أنتم متطرفون وفيما تقومون به ممعنون مملون، فالعصر يتطلب قسطاً من المرونة، وشيئاً من التكيف.. أنتم عنه معرضون!

قلي بالله عليك ماذا نفعل؟ وهل العيب فينا، أم في التي قامت بتربيتنا؟.

نحن لا نستطيع أن نتغير أو نتكيف، لأن أخلاقنا لا تستقيم مع المنطقة الرمادية التي جذبت معظم البشر.. فليس للصدق، والحق، والعدل عندنا إلا وجه واحد.. وهم يريدون عدة وجوه!.

وبعد، لقد كان بوسعي أن أقول لهذا المكلوم إجابات كثيرة، ولكني توقفت.. لأني أشعر مثله بالمرارة!. 

قلت له.. تعالى لنتريض على شاطئ النيل قليلاًً !

 http://www.aleqt.com/2012/02/18/article_627737.html

الأربعاء، 15 فبراير 2012

مَنثــُورات !!



عبد القادر مصطفى عبد القادر
(1) تشعر بقيمة الفراغ الذي تتركه في حياة من أحبوك، ريثما تغيب عنهم، فتلمس في سؤالهم عنك.. حرارة الشوق إليك !.

(2) هناك من ينقلون نبض حرفك إلى آخرين.. دعهم ينقلون، لتصل عطاءات روحك إلى من تعرفهم، فيصيبك منهم دعاء بظهر الغيب لا ترده السماء !.

(3) هناك من أحبهم القلب بصدق، ولذا باح لهم بالحق، فيغضبون، وتراهم من قريب يعودون "فالحق أحق أن يتبع" !.

(4) الكلمة الصادقة تخترق، والكلمة تحترق !.

(5) للرجولة ضريبة، لا يعرفها سوى الرجال !.

(6) ندور في ذات الدائرة، ونكرر ذات الأخطاء، فلا عبرة من الماضي، ولا رؤية نحو المستقبل !.

(7) في زحمة الكلام تتوه أكثر الكلمات عمقاً، وتتوارى أبدع المعاني خجلاً، ولا يبقي إلا الرماد فوق تلال القبح !.

(8) إزرع.. مهما كثر اللدغ !.

(9) أعداؤك الحقيقيون أقرب إليك من شراك نعلك !.

(10) أكثر من يعرفونك مثل الظل، يصطحبونك نهاراً تحت الشمس، فإذا جاء الليل ولوا !.

(11) الحياة الحقيقية لم يحياها الأحياء بعد !.

(12) في معترك البحث عن التوافه تتساقط ملامحنا الجميلة في بئر من التشوهات !.

(13) الله خلق الناس بلا شريك، وسيحاسبهم بلا شريك، فتعامل معهم بما تحب أن يعاملوك به في إطار إنساني محض !.

(14) نوبات الصمت أضحت تتحدث إليَّ كثيراً !.

(15) لماذا نرفض الذين يناقشون ويعارضون، ولماذا نقبل الذين يطيعون ؟!.

(16) أسوأ النفاق.. أن يعيشه المرء مع نفسه !.

(17) سؤال حزين : لماذا تحول الحب في حياتنا إلى (روتين) ؟!.

(18) إذا أحسن قلبك الاتصال بمقلب القلوب والأبصار، فلن يخطئ في تقييم أي إنسان !.

(19) سوق الأقنعة راجت، والدليل كثرة المنافقين !.

(20) ما أجمل الحياة حين تخلو من الجراثيم البشرية !.

(21) على من تضحك؟، وعين الله لا تغفل !.

(22) عندما يسترك الله، فإنه يمنحك فرصة لتعود، وإلا فضحك على رؤوس الأشهاد !.

(23) في داخل كل منا ملاكاً يجب أن يوقظه، وشيطان يجب أن يطرده.. تقرب إلى الله تقدر !.

(24) لا يمكن أن نكون مجتمعاً من الملائكة، لكن يمكن أن نكون مجتمعاً من الصالحين !.

(25) القلوب الكريمة لا تعرف الكراهية ولكن تعشق الكرامة !.

أصلحَ الله بالنا وأحوالنا..

http://www.aleqt.com/2012/02/15/article_626926.html

الجمعة، 10 فبراير 2012

المبادئ في غرفة الإنعاش !!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
تسقط هيبة المبادئ والقيم في عيون العامة ، حين يستفيض أهل الرأي والفكر في إبراز إطارها النظري وهم جالسون على المقاعد الوثيرة وتحت الإضاءة المبهرة وأمام الكاميرات اللامعة ، دون أن يَلْمَسَ المستمعون لهذا التنظير البليغ الرنان مروداً عملياً في حياة من تكلموا !.

وهنا يتبلور اعتقادٌ عامٌ باستحالة إقامة الجانب التطبيقي للمبادئ والقيم ، لأن الأمر قد ارتبط في أذهان الناس بكونها أنماط فكرية ممعنة في المثالية لا تستقيم عملياً مع حياتهم ويستحيل تطبيقها في واقعهم ، بدليل أن الذين تحدثوا عنها فشلوا في تنفيذها على أنفسهم أولاً !.

لا يكفي مطلقاً أن أكون متحدثاً لبقاً لأقنع الناس بما أقول، ويكفي جداً أن أتمثل القيمة وأعيش المبدأ واقعاً في حياتي ، ليصل تأثير ذلك إلى أبعد مدى في نفوس الناس فـ "عمل رجل في ألف رجل ، خير من كلام ألف رجل في رجل". لكن كثيراً ممن يخاطبوا عقول الناس تخيروا الطريق الأسهل .. تخيروا "الوعظ الأجوف".

والحقيقة أن هذه المشكلة تبدأ من البيوت ، وذلك حين يعكفُ الوالدان على تلاوة النصائح على مسامع الأولاد ليلاً ونهاراً ، متناسيين أن الولد يعقد مقارنة ذكية بين ما يسمعه منهما وبين ما يفعلانه على أرض الواقع ، فإذا لاحظ تناقضاً بين ما يُقال وما يتم فعله فقد القدرة على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ ، واختلطت لديه المفاهيم ، وانتكس نفسياً وأخلاقياً. ذلك لأن القدوة اهتزت أمام عينيه اهتزازاً عنيفا.

ثم تمتد تلك الظاهرة تقريباً إلى جميع المؤسسات التربوية والتوعوية ، إذ يتراكم ويتضخم الجانب التنظيري ، في الوقت الذي يعاني فيه الجانب التطبيقي هُزالاً وضعفاً عاما ، ذلك لأن الأول يُغذى بمؤلفات ومحاضرات ومقالات ومواعظ ، على حين يُحرم الثاني من سقاء التنفيذ ومن غذاء التطبيق. فأني لمبدأ أن يعيش طويلاً في السطور وعلى أطراف الألسنة ؟!.

في لحظات معينة من تاريخ الأمم والمجتمعات يصبح الصيام عن الكلام أفضل من الصوم عن الطعام ، لأن الذين يتحدثون يهدمون من حيث قصدوا البناء، ويشوهون من حيث قصدوا التجميل ، فالناس في تلك اللحظات الفارقة من حياتهم لا يريدون كلاماً ولا يقبلون تنظيراً ، بل يريدون شيئاً يرونه بأعينهم ويلمسونه بأيديهم. ذلك لو كنا نرغب في عودة الحياة إلى المبادئ ، والثقة إلى النفوس.
--

الاقتصادية الالكترونية على الرابط:
 http://www.aleqt.com/2012/02/11/article_625513.html

الخميس، 9 فبراير 2012

عبد القادر مصطفى يكتب: مصر الجميلة.. قادمة!!


الجمعة، 10 فبراير 2012 - 00:21
صورة أرشيفية 
صورة أرشيفية
Add to Google
بعد عام مضى على ثورة 25 يناير 2011م، أضحى من الضرورة بمكان أن نعرف: أين نقف الآن، وإلى أين نتجه؟.
لقد قام بالثورة شبابٌ أطهار، وحَصَدَ ثمارُ الثورة أناسٌ أخيار.. رغم أنَّ الذين قاموا لم يحصدوا مكاسب ظاهرة، ورغم أن الذين حصدوا تأخروا فى القيام حتى اتضح المشهد.. لكن وفى كل الأحوال أصف الفريق الأول بالأطهار، وأصف الفريق الثانى بالأخيار.. لماذا؟!..
أطهارٌ أولئك انتفضوا ضد الظلم وهو فى أوجِّ سطوته، وضد الفساد وهو فى قمة قوته.. قاموا بلا خوف ولا وهن، مستقبلين الموت أو المجهول بنفس شامخة أبية، ليس طلباً للموت، ولكن رغبة فى حياة حرة كريمة غابت عن واقع المصريين دهراً.. كانوا وما زالوا أطهاراً أمواتاً كانوا أو أحياءً، لأنهم رمز لضمير هذا الوطن الأبيِّ!

أخيارٌ أولئك الذين قطفوا ثمار الثورة، لأن الشعب قال لهم «نعم» عبر اقتراع حر ونزيه وشفاف، شهد له القاصى والدانى، أى أن هذه إرادة للمصريين تبلورت عبر صناديق الانتخاب، ولا يمكن أن تذهب ثقة المصريين أدراج الرياح.

الآن، وبعد عام من الكرِّ والفرِّ.. شهدت فيه الساحة كثيراً من الغموض، وكثيراً من الضباب.. تمخضت الأحداث عن برلمان فاز الإخوان والسلفيون فيه بنصيب الأسد، ولا يمكن لعاقل واحد إلا أن يقبل بذلك، وتبقى التجربة هى المحك الكاشف.

إنَّ البرلمان المصرى يمثل من وجهة نظرى الإنجاز الأبرز لثورة 25 يناير، لأنه عبَّر عن وجهة نظر «28 مليون» مصرى أدلوا بأصواتهم فى حرية تامة، وما سبق ذلك من إنجازات لا تعدو إلا أن تكون إجراءات أو ردود فعل لرتق ثقب هنا أو هناك!.

أرى كمصرى يتابع الأحداث بصمت أن مصر - ورغم كل العراقيل الطبيعة والمصطنعة - ستمر من هذه المرحلة الحرجة، وإنها ستتعافى فى القريب العاجل، وستكون مصر نموذجاً يقاس عليه بين الدول.. ستعود مصر ليبقى كلام الله الذى خصها بالذكر تصريحاً وتلميحاً ما يربو عن عشرين مرة قائماً إلى يوم الدين.

إنَّ كل ما يحدث الآن من أحداث دامية ومحزنة فى مصر لهى توابعٌ طبيعة لزلزال عملاق هز المحروسة هزاً وكان طبيعياً أن تخرج الثعالب والذئاب من الجحور، والأفاعى والعقارب من الشقوق، بعد أن فقدت مأواها ومسكنها.. هى الآن ظهرت وسوف تدهسها مصر القوية العفية إن شاء الله.

يبقى أن نتوافق لندفع بأفكارنا فى مجرى حبَّ مصر وحدها بلا شريك.


-
اليوم السابع على الرابط:
 http://www2.youm7.com/News.asp?NewsID=598854&SecID=190

الأحد، 5 فبراير 2012

الترفيه.. للجادين فقط !!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
الجادون .. المنتجون .. المبدعون ، هم الذين يستحقون الترويح عن أنفسهم ليتجدد نشاطهم البدني والذهني ، ويستمروا في رحلة العطاء بلا وهن ولا ملل ، أما العبثيون .. المخربون .. الهمجيون ، فلا يستحقون سوى التأديب والتهذيب والتدريب ليعودا إلى الجادة ، فإن لم يستجيبوا للعلاج فليعزلوا بأمراضهم الأخلاقية بعيداً عن المجتمع.


الرياضة بكافة صورها ، ممارسة كانت أو مشاهدة أو منافسة ، هي نوع من التنفيس الُمباح شرعاً ، وهي استثمار إيجابي لطاقة روحية أو جسدية، وهي مجال من مجالات التلاقي والتعارف .. فإذا خرجت عن هذا الإطار فتحولت إلى مسرح لخدش الفضيلة ودهس الأخلاق ، بل وإلى ساحة لمصارعة الثيران وسفك الدماء .. فلا ضرورة منها لأنها حادت عن الهدف الذي من أجله قامت.


لكن - للأسف - حينما تحولت الرياضة إلى تجارة تُدرُّ الملايين على أنصاف المتعلمين ، تم غضُّ الطرف عن كل المساوئ ، بل وسيقت التبريرات في وسائل الإعلام الرياضي ، ليس حباً في الرياضة ولا طلباً لاستمرارها ، ولكن خوفاً على المصالح الذاتية بل و "الشللية" إذا جاز التعبير!.


إن السكوت عن العبث والتخريب في التجمعات الرياضة لصبية اللهو وعصابات التخريب الفكري والمادي ، ما هو إلا ترخيص مفتوح لتكرار ذات الأفعال ودعوة وتشجيع فئات أخرى لممارستها دون رقيب أو حسيب ، ذلك لأن الفعل السيئ أشد تأثيراً في مجرى النهر من الفعل الحسن ، والنتيجة خسائر مادية تقدر بالمليارات تُسحب من نخاع الوطن ، وخسائر أخلاقية يمتد أثرها إلى أجيال قادمة ولا نقدر لها ثمناً.


في مباراة لكرة القدم يموت 73 إنساناً ، ويصاب 1000 لماذا ؟، وأي عقل يستوعب هذا ؟ .. أناس يذهبون ليقضوا وقتاً ممتعاً فيعودون إلى ذويهم جثثاً هامدة .. من يقبل هذا ؟، ومن يبرر هذا ؟، وتحت أي مسمىً نضع هذا ؟!.


أنا وملايين من المصريين مثلي لا نريد مشاهدة مباريات تحولت من رياضة ومنافسة شريفة راقية إلى مصارعة لثيران تجردت من العقل والخلق والفضيلة فانحطت إلى درك البهائم، بل إن البهائم لتحفظ عرينها ومناطق عيشها !.


إن حمائم السلام لا تؤثر في شخصية إنسان لا يعرف عن الأخلاق شيئاً، ولا يعرف عن قصة الانتماء شيئاً .. واللغة الوحيدة هي لغة الردع والعقاب، لأن الأمر لا ينال الرياضة فحسب ولكن ينال سمعة وطن عظيم بين شعوب الأرض.


لقد قامت الثورة كي ترجع للناس ما فقدوه من حرية وكرامة ، لا أن تطلق العنان للخارجين على القانون ليعرضوا سوءاتهم عبر شاشات التلفاز ، وأطفال وشباب نريد عن نربيهم على احترام الوطن واحترام القانون يشاهدون فصول تلك المهزلة ، فأني لتربيتنا أن تؤتي ثمارها!.


فيا أهل القرار الرياضي إن كنتم لا تستطيعون توفير مشاهدة محترمة لجمهور كرة القدم فلا تعرضوا علينا بعد الآن هذه المشاهد المزرية (فإذا بُليتم فاستتروا) ، أو قوموا لو أن لديكم شجاعة القرار بمعاقبة المخطئ لدرجة الحرمان من اللعب في الدوري العام ، ولو كنتم لا تعرفون ذلك فألغوا الدوري!.


إن جمهوراً يقوم بالصفير ، ولاعبين يمضغون اللبان أثناء السلام الوطني لمصر لا يستحقون الرياضة بكل ما تدره على الطرف الأول من متعة وترفيه ، وما تدره على الطرف الثاني من ملايين لا يعرف لها عدداً.

الجمعة، 3 فبراير 2012

عبد القادر مصطفى يكتب: ألغوا الدورى!!


جانب من أحداث بورسعيد
جانب من أحداث بورسعيد
Add to Google
ما المانع أن يصدر قرار بإلغاء الدورى المصرى حتى تتوقف هذه المهزلة الأخلاقية التى نراها بين الفينة والأخرى على الهواء مباشرة من مجموعة من الخارجين على القانون.

فإذا كنا لا نقدر على تأديب هذه القلة بقوة القانون، فلنوقف على الأقل مشاهدة هذا المسلسل الذى يذبح الأخلاق ذبحاً على مرأى ومسمع من القاصى والدانى، ومن الحبيب والعدو.


إن السكوت على عبث هؤلاء الصبية يمنح آخرين تصريحاً ضمنياً بممارسة ذات الأفعال فى مرات قادمة، لنجسد عبر موجات الأثير فصول مسرحية هزلية لا تريد أن تبقى شيئاً من الوجه الحضارى لمصر.


أنا وملايين من المصريين مثلى لا نريد مشاهدة مباريات تحولت من رياضة ومنافسة شريفة راقية إلى مصارعة لثيران تجردت من العقل والخلق والفضيلة.


إن حمائم السلام لا تؤثر فى شخصية إنسان لا يعرف عن الأخلاق شيئاً، ولا يعرف عن قصة الانتماء شيئاً.. واللغة الوحيدة هى لغة الردع والعقاب، لأن الأمر لا ينال الرياضة فحسب، ولكن ينال سمعة وطن عظيم بين شعوب الأرض.


لقد قامت الثورة كى ترجع للناس ما فقدوه من حرية وكرامة، لا أن تطلق العنان للخارجين على القانون ليعرضوا سوءاتهم عبر شاشات التلفاز، وأطفال وشباب نريد أن نربيهم على احترام الوطن واحترام القانون يشاهدون فصول تلك المهزلة، فأنى لتربيتنا أن تؤتى ثمارها!


فيا أهل القرار الرياضى إن كنتم لا تستطيعون توفير مشاهدة محترمة لجمهور كرة القدم فلا تعرضوا علينا بعد الآن هذه المشاهد المزرية "فإذا بُليتم فاستتروا"، أو قوموا لو أن لديكم شجاعة القرار بمعاقبة المخطئ لدرجة الحرمان من اللعب فى الدورى العام، ولو كنتم لا تعرفون ذلك فألغوا الدورى!


إن جمهوراً يقوم بالصفير، ولاعبين يمضغون اللبان أثناء السلام الوطنى لمصر لا يستحقون الرياضة، بكل ما تدره على الطرف الأول من متعة وترفيه، وما تدره على الطرف الثانى من ملايين لا يعرف لها عدد.


من فضلكم ألغوا الدورى احتراماً للأرواح التى صعدت إلى بارئها!

سوقُ الكلام !!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
يحدثُ أن يُقامَ للكلام سُرادقات ذات إبهار وفخامة على مآسي واقعنا !!.


ولأن الطبيعة البشرية تدفع أربابها نحو أسواق الكلام في لحظات الفراغ الفكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فلا ريب أن تشهد تلك الأسواق إقبالاً ورواجاً وأرباحاً، والفائزون هم ثلة أجادت التلاعب بمشاعر العامة عبر توابل أعِدَتْ بعناية فائقة ثم أضيفت بخبث إلى "بضاعة كلامية راكدة"، فتقاتل الناس على شرائها عبر المسموع والمقروء والمُشاهد !.


يحدث هذا حين ينصبُّ اهتمام أهل الرأي والنخبة على الجزئيات والتفاصيل، فيجرون أنفسهم والمتابعين إلى دوامة من البحث عن المجهول، فيضيع الوقت بين كرٍّ وفرٍّ، وفي تنظير عقيم ممل، والمحصلة خلق بؤر جدلية تتشكل تدريجياً على صعيد الرأي العام، لا تفضي إلا إلى تلاسن وتراشق وتعارك، والمجتمع هو الذي يدفع الثمن في النهاية !.


كثيراً ما أواجه نفسي بهذا السؤال : لماذا لا نجيدُ فنَّ الصمت، أو لغة الصمت، أو بلاغة الصمت؟ أو بالأحرى .. لماذا نعتبر كثرة الكلام دليل حياة، ونعتبر بعضَ الصمت سعياً نحو الموت ؟!.


يتدافع ذاك السؤال بأطياف شتى على تلافيف عقلي يبحث عن إجابة وقتما أرى صياحاً بلا مغزى، أو نقداً بلا معنى، أو حواراً بلا هدف، أو مناظرة بلا مضمون.. فأقول في نفسي : لماذا تستهوي دوامات الثرثرة والجدل العقيم أفئدة كثير منا، رغم أن طرحها مُرٌّ، وحصادها شوك.. احتقانات، خصومات، تحزُّبات!.. أي أن المحصلة تساوى صفراً، بل وأدنى بكثير؟!.


لا تفسير عندي لذلك إلا الرغبة الجامحة في بيع الكلام وحصد الثمن، ولو كان المقابل دهسُ المودة، وتمزيقُ الوحدة، وإشاعة الفوضى.. ففي الأسواق تتوارى أخلاق البشر النبيلة، وتبرز خصالهم الوحشية الدميمة، فيصبح الممنوع مرغوباً، والمُحرَّم حلالاً.. تحت وطأة التبرير الأنوي التشرذمي !.


لقد كتبت في الاقتصادية مقالاً بتاريخ 9/10/2010 تحت عنوان "سوق الإعلام الفضائي!" قلت فيه : "إذا أصبح تحقيق الربح هدفاً وحيداً لما يمكن أن نسميه بــ "الإعلام الجديد"، أو "الإعلام الفضائي"، فلا عجب أن تتحول الرسالة إلى تجارة، عبر مواد تُحْدثُ دوياً لجذب جمهور المشاهدين، ولا تصيب هدفاً إلا ما يملأ جيوب أصحاب الفضائيات من جيوب المشاهدين المُغرر بهم!".


وقلت : "للأسف، لقد بات إعلامنا الفضائي سوقاً مفتوحة لكل السلع صالحها وفاسدها، ثمينها وغثها، بل وأضحت بضائع الغير تمر بلا فحص، وتُعرض بلا رقيب، وكأن إعلامنا الفضائي يريد أن يثبت لأهل السبق أنه إعلام متحرر، ومنفتح على الغير، وليس لديه تشدد أو تعصب، وهذا خطأ كبير وجسيم، إذ ليس معنى التكامل بين الشعوب والثقافات لخلق أطر مشتركة للتفاهم والتعايش، أن أنزع ذاتي من جذورها، وأن أطمس معالم هويتي، وأن أنسى تراثي وحضارتي، ثم أدور في فلك الغير، ظناً بأن الغير سوف يسعده ذلك، وهو ظن هش وبائر، فمن لا يقدر أن يحترم نفسه.. لن يحترمه غيره!".


قلتُ ذلك قديماً وأقوله الآن.. لأن شهوة الكلام قد جرت الجميع نحو دوامتها القاتلة، إذ عُطِّلت كل الجوارح عن العمل والإنتاج، ومُنح اللسان تفويضاً بالثرثرة في كل مكان !.


لو كان الأمر بالثرثرة لكنا على رأس الدول المتقدمة !!.

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...