الأحد، 5 فبراير 2012

الترفيه.. للجادين فقط !!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
الجادون .. المنتجون .. المبدعون ، هم الذين يستحقون الترويح عن أنفسهم ليتجدد نشاطهم البدني والذهني ، ويستمروا في رحلة العطاء بلا وهن ولا ملل ، أما العبثيون .. المخربون .. الهمجيون ، فلا يستحقون سوى التأديب والتهذيب والتدريب ليعودا إلى الجادة ، فإن لم يستجيبوا للعلاج فليعزلوا بأمراضهم الأخلاقية بعيداً عن المجتمع.


الرياضة بكافة صورها ، ممارسة كانت أو مشاهدة أو منافسة ، هي نوع من التنفيس الُمباح شرعاً ، وهي استثمار إيجابي لطاقة روحية أو جسدية، وهي مجال من مجالات التلاقي والتعارف .. فإذا خرجت عن هذا الإطار فتحولت إلى مسرح لخدش الفضيلة ودهس الأخلاق ، بل وإلى ساحة لمصارعة الثيران وسفك الدماء .. فلا ضرورة منها لأنها حادت عن الهدف الذي من أجله قامت.


لكن - للأسف - حينما تحولت الرياضة إلى تجارة تُدرُّ الملايين على أنصاف المتعلمين ، تم غضُّ الطرف عن كل المساوئ ، بل وسيقت التبريرات في وسائل الإعلام الرياضي ، ليس حباً في الرياضة ولا طلباً لاستمرارها ، ولكن خوفاً على المصالح الذاتية بل و "الشللية" إذا جاز التعبير!.


إن السكوت عن العبث والتخريب في التجمعات الرياضة لصبية اللهو وعصابات التخريب الفكري والمادي ، ما هو إلا ترخيص مفتوح لتكرار ذات الأفعال ودعوة وتشجيع فئات أخرى لممارستها دون رقيب أو حسيب ، ذلك لأن الفعل السيئ أشد تأثيراً في مجرى النهر من الفعل الحسن ، والنتيجة خسائر مادية تقدر بالمليارات تُسحب من نخاع الوطن ، وخسائر أخلاقية يمتد أثرها إلى أجيال قادمة ولا نقدر لها ثمناً.


في مباراة لكرة القدم يموت 73 إنساناً ، ويصاب 1000 لماذا ؟، وأي عقل يستوعب هذا ؟ .. أناس يذهبون ليقضوا وقتاً ممتعاً فيعودون إلى ذويهم جثثاً هامدة .. من يقبل هذا ؟، ومن يبرر هذا ؟، وتحت أي مسمىً نضع هذا ؟!.


أنا وملايين من المصريين مثلي لا نريد مشاهدة مباريات تحولت من رياضة ومنافسة شريفة راقية إلى مصارعة لثيران تجردت من العقل والخلق والفضيلة فانحطت إلى درك البهائم، بل إن البهائم لتحفظ عرينها ومناطق عيشها !.


إن حمائم السلام لا تؤثر في شخصية إنسان لا يعرف عن الأخلاق شيئاً، ولا يعرف عن قصة الانتماء شيئاً .. واللغة الوحيدة هي لغة الردع والعقاب، لأن الأمر لا ينال الرياضة فحسب ولكن ينال سمعة وطن عظيم بين شعوب الأرض.


لقد قامت الثورة كي ترجع للناس ما فقدوه من حرية وكرامة ، لا أن تطلق العنان للخارجين على القانون ليعرضوا سوءاتهم عبر شاشات التلفاز ، وأطفال وشباب نريد عن نربيهم على احترام الوطن واحترام القانون يشاهدون فصول تلك المهزلة ، فأني لتربيتنا أن تؤتي ثمارها!.


فيا أهل القرار الرياضي إن كنتم لا تستطيعون توفير مشاهدة محترمة لجمهور كرة القدم فلا تعرضوا علينا بعد الآن هذه المشاهد المزرية (فإذا بُليتم فاستتروا) ، أو قوموا لو أن لديكم شجاعة القرار بمعاقبة المخطئ لدرجة الحرمان من اللعب في الدوري العام ، ولو كنتم لا تعرفون ذلك فألغوا الدوري!.


إن جمهوراً يقوم بالصفير ، ولاعبين يمضغون اللبان أثناء السلام الوطني لمصر لا يستحقون الرياضة بكل ما تدره على الطرف الأول من متعة وترفيه ، وما تدره على الطرف الثاني من ملايين لا يعرف لها عدداً.

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...