الثلاثاء، 1 مايو 2012

"كلاكيت" مرة ثانية .. مصر والسعودية.."الزَّعَل ممنوع"





عبد القادر مصطفى عبد القادر
 
الكِبارُ.. لا يتدابرون، ولا يتخاصمون، ولكن قد يختلفون، فيتناقشون، فيتكاملون.. فشتان البون بين خلاف واختلاف، فالأول استبداد برأي ونزعة، والثاني فطرة تدفع للتكامل، ورتق للثقوب، ومعالجة للعيوب.. فَرُبَّ ضارة نافعة!
إنّ العلاقات بين الأمم والشعوب كائن حيّ يبقى ما بقيت الشعوب وما نبضت القلوب، فهناك أمم تتركه بلا عناية ولا رعاية، فيبدو نحيلاً هزيلاً، تتقاذفه أبسط المواقف، وتتلاعب به أتفه الأحداث، وهناك أمم ذكية ترعاه وتغذيه، فإذا هبت زوابع، أو برقت رعود، كان سدَّاً مانعاً وحصناً واقياً أمام ميكروبات الشقاق والافتراق.
ويقيني الذي لا يعتريه شك أن الذي بيننا وبين أشقائنا في بلد الحرم، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، أقوى من كل ريح، وأعتى من كل مكيدة، لأن الذي يربطنا عملاق أشم، أركانه عقيدة ودين وعروبة ونسب وتاريخ، لا تناله أفعال السفهاء ولا مكائد الخبثاء، وذلك يقين راسخ رسوخ الجبال في ضمير العقلاء والحكماء هنا وهناك.
ولا تخالجني ذرة من شك في أن قرار غلق السفارة والقنصلية السعودية بالإسكندرية والسويس، ليس إلا قراراً لتطويق الأزمة، وإنهاء للفتنة، وإيقاف لموجات الثرثرة، وليس تصعيداً كما يحلو للبعض أن يوصِّفه، لأن الذي يجمعنا ويربطنا لا يقبل فتنة ولا فرقة، والتحديات التي تواجهنا تجعل من علاقتنا مصير لا يجوز الشذوذ عنه.
إنّ كل نبرة من أي طرف للاستعلاء والاستغناء والمُعايرة، هي نبرة تصدر من عقول طائشة تحالفت مع الشيطان، ولا يصح مطلقاً أن تُقيمَ به علاقة تاريخية جمعت بلدين كبيرين، ولا يجوز أن يكون قاعدة لقياس متانة علاقة أبدية جمعت وطنين رائعين، إذ لا يخفى على كل مُبصر بعين أو ضمير أن هذه النبرات سهام مسمومة تنطلق من أقواس مأجورة، بغية إحداث نزيف في كيان علاقة لا تريح أطرافاً إقليمية ودولية.
أملي أن لا يلوذ العقلاء في البلدين - وهم كثرة - بالصمت، فلم يعد الصمت في اللحظة الراهنة عبادة ولا فضيلة، بل هو منح صلاحية مباشرة أو غير مباشرة لقلة تنشد الشهرة على حساب الثوابت، بالسفالة وقلة الأدب، وهو أمر لا يليق بقامات لها تأثيرها في الرأي العام المصري والسعودي، وتستطيع أن تشكل وعياً يطوق ويخنق تلك الممارسات الدميمة.
بقيت كلمة.. لا يمكن لمصر الاستغناء على السعودية، ولا يمكن للسعودية الاستغناء عن مصر، فهذه حتمية وفريضة الآن وغداً، وكل تشكيك فيها سطحية وغباء.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...