الحقيقة تتوه بين أنقاض الجهل والغوغائية، وعندئذٍ تسنحُ الفرصة
لقلة سفيهة كي تعرض وتستعرض بذاءاتها أمام كاميرات ترصد وتعرض، في عصر تطير
الأخبار فيه بسرعة البرق.
المعادلة الصعبة التي تواجه الإعلام الجديد تتمثل في كيفية أنْ تكون
سريعاً جداً ودقيقاً جداً، لتسبقَ منافسين يسعون بشراسة نحو التقاط
المعلومة قبلك، ومن ثم نشرها قبلك، لإحراز الإنفراد وتحقيق السبق قبلك،
وهذه منافسة مشروعة متى كانت الدقة مضماراً حاكماً تعدو فيه المعلومة بأي
سرعة شاءت.
المؤكد أنّ حُمى المنافسة أنستْ كثيراً من المواقع والصحف الالكترونية
والقنوات الفضائية عنصر الدقة، خاصة حيالَ القضايا محل اهتمام الرأي العام،
والتي تخضع لإجراءات أمنية أو قضائية تلتزم جانب السرية، إذ يكون الاعتماد
على التسريبات أو الاستنتاجات قبل أن تعلن تلك الجهات عن نتائج إجراءاتها،
فإن صح الخبر كان سبقاً، وإلا فالنفي وفي نفس المكان هو السبيل!.
لكنّ المشكلة لا تكمن في الخبر ثم نفيه، بقدر ما تكمن في حجم الضجة التي
يحدثها في الرأي العام إلى درجة تدفع قلة موتورة إلى ارتكاب حماقات يصعب
محوها أو نفيها خاصة وقد تمت بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع، وهذه تداعيات
مؤسفة تجرح علاقات وتقطع أواصر بين أفراد ودول.
قضية القبض على «أحمد الجيزاوي» المحامي والناشط الحقوقي لدي دخوله إلى
الأراضي السعودية، مَثلتْ نموذجاً تَبَدتْ فيه كل مساوئ المعالجة
الإعلامية:-
- الخبر وإخراجه من نطاقه كخبر.
- القضية لتشمل آخرين في السجون السعودية.
- التحقيقات والقفز إلى نتائج غير سليمة.
- صبغ الموضوع بصبغة سياسية.
- القضية لتشمل آخرين في السجون السعودية.
- التحقيقات والقفز إلى نتائج غير سليمة.
- صبغ الموضوع بصبغة سياسية.
ترتب على ذلك إثارة، وتصريحات ساخنة، وسلوكيات غير مسؤولة، وضغط أخرج
معلومات غير مؤكدة، ومن قبل جهات رسمية، والكل في المولد يريد أن يثبت صحة
ما ذهب إليه، والحقيقة هي التي تدفع الثمن.. وفي النهاية ينبري الفارس
الهُمام لينهي القضية ذات الاهتمام الإعلامي باتصال تليفوني.. إذن بعض
وسائل الإعلام تدفعنا نحو مناطق معينة لتحقيق أهداف محددة!.
أمر التضامن مع مصري والدفاع عنه من المسلمات التي لا تقبل المزايدة،
والقانون وحده هو الذي يجب أن يقول كلمته، لا أن تُفتح النوافذ لكل من هبّ
ودبّ ليعرض علينا صياحه، وكأنه المصري الوحيد الذي يريد رفع المظالم عن كل
المصريين.. نريد الصدق الداخلي أولاً!.
بقي لديَّ سؤال، عالق في قاع
رأسي، ينقر نقراً شديداً.. المصريون موجودون بسجون كثير من الدول، وبعضهم
محتجز بلا قضية من مُددٍ طويلة.. فلماذا السعودية، والآن تحديداً؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق