الجمعة، 2 أكتوبر 2020

 الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب!

بقلمي: عبدالقادر مصطفي
كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضية محل النقاش، فندّعي مثالية وملائكية في تناولها ما تبدت يومًا حينما كانت واقعًا في حياة من وثب على مسرح الوعظ ونثر الحكمة.
▪️الفقر : ليس قدرًا حتميًا يُصب من السماء صبًا على رؤوس فئة من الناس دون سواهم حتى تنبري فئة تعيش الرفاهية والترف كي تسوغ وتبرر لقبول هذا الفقر ولا تخجل من الدعوة المستمرة لقبوله والرضا بمراراته والتكيف معه، بل والدعوة إلى الزهد في الفتات الذي يملكونه وترك الدنيا وطلب الآخرة، متناسين أن الدنيا هي طريق الآخرة وأنها لا تُدرك إلا بها، فكيف لمن يدرك الدنيا أن يدرك الآخرة، ثم لا يجد هؤلاء ما يمنعون به تحويل ذاك الفقر إلى سوط يتم به إلهاب ظهور الفقراء في كافة معاملاتهم وأنشطتهم اليومية انحيازًا ونفاقًا للأغنياء.
للأسف من تصدى لتزيين الفقر للناس هم فئة أطلقت اللحى وأرخت الذؤابة وقصرت الجلباب وحددت الزبيبة وأفاحت المسك وركبت الهامر وغرست حتى أذنيها في المرق والظفر وتزوجت من النساء مثنى وثلاث و رباع، ثم امتطوا في المساء فضائيات يبثون من فوقها الرقائق والبكائيات وفيها يتبنون دعوة الناس إلى الرضا والزهد وهم أبعد الناس عما يدعون إليه.
رسول الله وهو القدوة المختارة للبشرية عامة لم يأمر بشئ أو يدعو إليه إلا إذا تمثله وعمل به ليكون قدوة في الميدان، والأمثلة في حياته الشريفة لا تكاد تُحصي، ولكني أذكر موقفًا يوم الأحزاب والناس يحفرون الخندق حول المدينة فأنهكهم الجوع والعطش، فجاء أحدهم يشكو إلى رسول الله الجوع كاشفًا عن بطنه التي ربط عليها حجرًا ليؤكد مرارة تضوره، فكشف رسول عن بطنه فوجد الرجل عليها حجرين مربوطين فانصرف وهو راض برد رسول الله العملي، وقد كان رسول الله يقدر على مواساته ببعض كلمات.
نحن نريد الحكمة ممن يعيشون واقع الناس حالًا لا مقالًا، ممن تذوقوا وعاشوا آلام الناس حتى تكون الحكمة صادقة، وما الفقر إلا مقالًا من عشرات يتطلب المعايشة والصدق قبل دعوة الناس إلى القبول به.

الثلاثاء، 28 مارس 2017

تكادُ السماء أن تقع على الأرض!



تظلمون الكلاب والذئاب حينما تشبهون بها كائنًا بشريًا؛ تجرد من كل فطرة وضمير ودين؛ فتحول إلى أستاذ للأبالسة والشياطين؛ يشرح لهم درسًا عمليًا في استنساخ كبيرة عُظمى؛ حينما اغتصب طفلة رضيعة بريئة تلهو كوردة نادية في وجه النسيم.

كيف أنتجت هذه الأرض هذا المخلوق؟!؛ بل كيف تربى حتى وصل إلى خمس وثلاثين سنة؟!؛ بين مآذن تكبر لصلواتٍ خمس؛ يُسمع منها صوت القرآن آتيًا من السماء؛ والنقشبندي وطوبار وعمران يغمسون القلوب في بحور المناجاة والقرب من فوق سنامها؛ وإذا بالشعرواي يقول في دبر كل آذان اللهم رب هذه الدعوة التامة.

أجدُ قلبي غارقًا في بحر من الهم والخزن؛ ولا أحصى تعدادًا للمرارات التي ألقته في يمِّ الدموع .. هل على دين قد تمزق؛ أم على أخلاق قد تلاشت؛ أم على ضمائر قد ماتت؛ أم على قيم قد توارت؛ أم على إنسانية قد رحلت.. أبكي وتصنع الدموع نهرًا على خدي لهوان وإهانة أصاب وأصابت كل عفة وطهارة وبراءة.

وأخيرًا؛ أمسكت القلم؛ وكانت أمنيتي أن أمسك سيفًا من فولاذٍ أمزق به جسد هذا الكائن القذر؛ ثم ألقيه قطعًا لخنازير تلوكه؛ وإن كانت الخنازير أنظف منه وأطهر.. ماذا أقول؛ وماذا أفعل؛ وقد كلت الحيلة؛ وانعدمت الوسيلة .. وإلى الله المُشتكى؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مقالي في بوابة صوت الشعب

الخميس، 28 مارس 2013

التعليم ضد عقارب الساعة ..!!

التعليم ضد عقارب الساعة ..!!

عبد القادر مصطفى عبدالقادر

الجمعة 2013/3/29 2:48 ص

لا أنكر أن وزارة التربية التعليم تبذل جهداً من أجل التعليم المصري، ولكنه جهد يُبذل بمعزل عن حقائق عصرية لا تخفى على باحث، الأمر الذي يؤكد على عدم سعي راسمي السياسات التعليمية إلى  تأسيس مستقبل تعليمي واعد، يقود خطى الأمة نحو النهضة.. بما يعني مواصلة سياسة الحرث في البحر، والإعراض - كالعادة - على وضع إستراتيجية طويلة المدى لتعليم عصري متطور.

يبدو أن القرارات التي تصدر بخصوص التعليم المصري، تراعي الموائمة لإرضاء الأطراف المؤثرة في صنع القرار التعليمي، أكثر مما تراعي ضرورة النقلة النوعية التي يتعطش التعليم لها منذ أمد بعيد، يؤكد هذا قرار وزير التربية والتعليم الأخير، والذي صدر تحت رقم (88) بتاريخ 26/3/2013 بشأن الثانوية العامة الجديدة، حيث جاء القرار الطويل كسائر القرارات السابقة معالجاً للشكل دون المضمون، وسابحاً بجوار الشاطئ على استحياء، دون الغوص في بطون المشكلات المزمنة التي ألمت بهذه المرحلة التعليمية الهامة، فأصابتها بالشلل الرباعي.

كنتُ أتمنى أن تصل أصوات المنادين بإدخال علم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بتطبيقاتها المختلفة كمادة أساسية في الثانوية العامة الجديدة، التي سيطبق نظامها على طلاب الصف الثالث الثانوي لعام 2013/2014م، على اعتبار أنها مادة علمية تطبيقية مؤهلة للعديد من كليات الهندسة والتكنولوجيا ونظم المعلومات وهندسة البرمجيات والشبكات، ولكن كان للوزارة رأياً آخر فجعلتها نشاط من ضمن أحد عشر نشاطاً، يختار الطالب منها واحداً ليؤدي فيه امتحاناً عملياً في نهاية العام، في زجٍّ ظالم لهذا العلم العصري بين أنشطة الصحافة والمسرح والموسيقي والاقتصاد المنزلي.. الخ، لنبقى قاتلين لعلم تطبيقي نقل العديد من الدول إلى مصاف الدول الكبرى.. الهند، وكوريا، وماليزيا... الخ، نماذج مشرقة ومشرفة في هذا المضمار.

لا أدري متى سنبدأ؟، حيث كنتُ أتوقع بعد الثورة أن تكون ثورتنا النهضوية الأولى في مجال التعليم، ولكن قُتل حلمي، كما قتلت أحلام كثيرة بأيدي مرتعشين يتحسسون طريق الحياة بتوجس، ويقبلون على العلوم العصرية بخوف، والذين لم يكن لهم في تجارب العديد من الدول التي نجحت حافزاً نحو التحرر من التردد  للانطلاق نحو المستقبل بجرأة وثقة، ويكفي التشدق بالتجارب الناجحة لهذه الدول وقت الرغبة في تمرير أمر ما، دون امتلاك الإرادة الحقيقية في التعلم منها، والسير على هديها، والغوص في أسرارها، لنأخذ دائماً من تلك التجارب مجرد القشرة، التي لا تفضي إلى أي نتيجة حقيقية ملموسة.

أخشى ما أخشاه أن يقتصر تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المدارس الخاصة والجامعات الخاصة، دون المدارس والجامعات الحكومية، فهناك مؤشرات تقول: إن التعليم والتعلم الجيد سيكون قاصراً على الأغنياء القادرين على دفع تكلفته، وأن هذا التعليم سيكون وحده المؤهل لسوق العمل في القادم من الأيام.. حدثني عن كيف صارت شهادة الثانوية العامة شهادة صالحة لمدة خمس سنوات؟، وكيف أنها صالحة لسوق العمل؟، وحدثني عن الاتجاه للتعليم الفني الذي يضم طلاباً لا يعرفون القراءة والكتابة، وحدثني عن التوسع في المدارس التجريبية.. لترسم صورة تقريبية للتعليم في مصر خلال العشر سنوات القادمة.. ولا عزاء للفقراء وهم السواد الأعظم من أبناء هذا البلد.

abdelkader_khalel@yahoo.com

الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه

الثلاثاء، 1 مايو 2012

الإعلام الجديد والمعادلة الصعبة .. «الجيزاوي نموذجاً»



الحقيقة تتوه بين أنقاض الجهل والغوغائية، وعندئذٍ تسنحُ الفرصة لقلة سفيهة كي تعرض وتستعرض بذاءاتها أمام كاميرات ترصد وتعرض، في عصر تطير الأخبار فيه بسرعة البرق.
 
المعادلة الصعبة التي تواجه الإعلام الجديد تتمثل في كيفية أنْ تكون سريعاً جداً ودقيقاً جداً، لتسبقَ منافسين يسعون بشراسة نحو التقاط المعلومة قبلك، ومن ثم نشرها قبلك، لإحراز الإنفراد وتحقيق السبق قبلك، وهذه منافسة مشروعة متى كانت الدقة مضماراً حاكماً تعدو فيه المعلومة بأي سرعة شاءت.
 
المؤكد أنّ حُمى المنافسة أنستْ كثيراً من المواقع والصحف الالكترونية والقنوات الفضائية عنصر الدقة، خاصة حيالَ القضايا محل اهتمام الرأي العام، والتي تخضع لإجراءات أمنية أو قضائية تلتزم جانب السرية، إذ يكون الاعتماد على التسريبات أو الاستنتاجات قبل أن تعلن تلك الجهات عن نتائج إجراءاتها، فإن صح الخبر كان سبقاً، وإلا فالنفي وفي نفس المكان هو السبيل!.
 
لكنّ المشكلة لا تكمن في الخبر ثم نفيه، بقدر ما تكمن في حجم الضجة التي يحدثها في الرأي العام إلى درجة تدفع قلة موتورة إلى ارتكاب حماقات يصعب محوها أو نفيها خاصة وقد تمت بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع، وهذه تداعيات مؤسفة تجرح علاقات وتقطع أواصر بين أفراد ودول.
 
قضية القبض على «أحمد الجيزاوي» المحامي والناشط الحقوقي لدي دخوله إلى الأراضي السعودية، مَثلتْ نموذجاً تَبَدتْ فيه كل مساوئ المعالجة الإعلامية:-

-  الخبر وإخراجه من نطاقه كخبر.
-  القضية لتشمل آخرين في السجون السعودية.
-  التحقيقات والقفز إلى نتائج غير سليمة.
- صبغ الموضوع بصبغة سياسية.
 
ترتب على ذلك إثارة، وتصريحات ساخنة، وسلوكيات غير مسؤولة، وضغط أخرج معلومات غير مؤكدة، ومن قبل جهات رسمية، والكل في المولد يريد أن يثبت صحة ما ذهب إليه، والحقيقة هي التي تدفع الثمن.. وفي النهاية ينبري الفارس الهُمام لينهي القضية ذات الاهتمام الإعلامي باتصال تليفوني.. إذن بعض وسائل الإعلام تدفعنا نحو مناطق معينة لتحقيق أهداف محددة!.
 
أمر التضامن مع مصري والدفاع عنه من المسلمات التي لا تقبل المزايدة، والقانون وحده هو الذي يجب أن يقول كلمته، لا أن تُفتح النوافذ لكل من هبّ ودبّ ليعرض علينا صياحه، وكأنه المصري الوحيد الذي يريد رفع المظالم عن كل المصريين.. نريد الصدق الداخلي أولاً!.
 
بقي لديَّ سؤال، عالق في قاع رأسي، ينقر نقراً شديداً.. المصريون موجودون بسجون كثير من الدول، وبعضهم محتجز بلا  قضية من مُددٍ طويلة.. فلماذا السعودية، والآن تحديداً؟!.

حَانَ وقتُ الاتحاد!



من المعلوم يقيناً أنَّ البشر لم يُخلقوا على هيئة واحدة، لا لوناً، ولا علماً، ولا قوة..الخ، غير أن المتأمل بعين الفكر المجرد لهذه الآية الربانية في الخلق يجد في ذاك التنوع والتباين أمضى وسيلة نحو الترابط والتكامل، لا التناحر والاختلاف.. كيف ذلك؟!.


لقد خُلقنا بفطرة تدفعنا نحو شوق دائم لتحقيق الاكتمال، ومن عجبٍ أن تلك الحاجة لا تُلبى إلا بالتصاق فرد بفرد، أو فرد بمجموعة أفراد، أو مجموعة بمجموعة، وهكذا، وكأن من قدرنا أن نعيش في حالة احتياج مستمرة لبعضنا البعض، كي يتعطش كل منا إلى الوحدة والترابط، في مشهد فطرى يعلن عن ثورة تلقائية على كل صور الفردية والتشرذم.


ولأن البعض لا يروق لهم أن تمضى الحياة على هذا النسق الرباني الجميل الذي لا مجال فيه «للأنا»، فإنهم لا يدخرون وسعاً في إثارة الضغائن عبر النفخ في أبواق التعصب الممقوت، ليس بالقرع على طبول الحرب كما كان الحال قديماَ، وإنما بالعزف المُتقن على النزعات الفردية والفئوية، مع إلباس ما يقومون به ثوب التعددية أحياناً، وثوب الحرية أحياناً أخرى، أو ما شاكل ذلك من مفردات براقة وجذابة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

لقد حانَ الوقت لنتحد بكل انتماءاتنا تحت مظلة الوطن «مصر»، جاعلين من اختلافاتنا نهراً دفّاقاً يروي ظمأ وحدتنا، لا سيفاً نُقطِّعُ به ما تبقى من أواصر وحدتنا، فالخطب جلل، والأمر جدُّ خطير.. فهنالك في القريب ذئاب مسعورة تترصَّدُنا بعيون جائعة، ومخالب مسنونة، متشوقة لفرصة من تدابر وتناحر، أو تفرق وتمزق.. لتنقض وتفترس!.
مصر يا سادة فوق كل اعتبار.. ولاشك أنكم تحبونها وتعشقون ذرات ترابها، ولكني أطالبكم بشيء من إنكار الذات، فلسنا في مرحلة تتحمل ترف البحث عن منصب أو حقيبة أو كرسي زائل.. ولا أطالبكم في الوقت ذاته بإيقاف برامجكم الطموحة، ورغبتكم الصادقة في خدمة هذا الوطن العزيز، ولكني أطالبكم بالهدوء والتريث وانتقاء مفردات خطابكم إلى الناس، كي لا تُثار عصبية لتيار أو آخر.
لقد صَنعتْ مصر ثورة عظيمة، قام بها شباب أخيار أطهار وحماها جيش وطني باسل، تلك حقيقة شهد بها العدو قبل الصديق، وانبهر بها البعيد قبل القريب.. إذن فلا يجب التغافل عن حقيقة تنير درب كل السائرين نحو نهضة مصر، وإلا «فالمطبات» قادمة، و«الحفر» سانحة، و«الكبوات» واردة.. والثمن سيدفعه مصريون أحبوا الحياة بكم، وتعشموا في غدٍ يرفع كواهلهم غبار الألم بفعلكم.
بقيت كلمة.. لما جاء الإسلام (الذي يتحدث به الكثيرون الآن) نقل العرب من مجرد قبائل متناثرة لا رأى لها، ولا شأن، ولا قوة، ولا اعتبار، إلى أكبر دولة على الأرض، من خلال تلكم الوصفة السحرية التي لملمت هذا الشتات المتناثر على أسس من العدل والمساواة والمحبة الصادقة، مع احترام حق المناقشة وإبداء الرأي والمجادلة بالتي هي أحسن، ترتب على ذلك حال غير الحال، وصارت دولة الإسلام دولة عظمى لم يعرف التاريخ لها مثيلا..!

فليت كل المتشاحنين، والمتخاصمين، والمتنابذين.. يعقلون!!.

اذهبوا فأنتم الطلقاء!



كان حريٌ بمن قالوا نحن على طريق المُعلم الأول سائرون، فلا صلاح للحياة إلا باتباع منهجه واقتفاء سيرته وتطبيق سنته، سواء كانوا من الإخوان أو من السلفيين أو من سواهما، أن يتعلموا - قبل أن يتكلموا - من رسول الله «صلى الله عليه وسلم» خُلق العفو والصَّفح عند المقدرة، ذلكم الخلق البارز في سيرته الشريفة، والذي تجلي في أبدع معانيه يوم فتح مكة، وقد كان فيها من سرق أموال المسلمين، ومن استولي على ديارهم، ومن طردهم من أرضهم، ومن يَتَّمَ أطفالهم، ولكنَّ الرسول الأعظم آثر العفو والصفح وكان بمقدوره أن ينتقم «ما تظنون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم وبن أخ كريم، قال اذهبوا فأنتم الطلقاء»، ترتب على ذلك دخول أهل مكة ومن حولها في دين الله أفواجاً.

قَدَّم الرسول الصفح هدية «للمشركين»، لأن المصلحة والضرورة كانت تقتضي الصفح، قتلاً لعصبية قد تتولد، أو لطائفية قد تنبعث، أو لشهوة انتقام قد تتوقد.. ليُقدِّمَ الرسول درساً عظيماً للناس عند هذه النقطة الفارقة في حياة الأمة.. ألْتقطُ منه على قدر فهمي المتواضع الملامح الآتية:-

» القدوة والقيادة الحازمة في المحكات الفارقة ضرورة قصوى، فلقد أطلق النبي الكريم سراح من آذوه وطردوه هو وصحابته الأطهار، ولم يكن الأمر محل تشاور كما كان شأن النبي في كثير من المواقف، ولكن كان الأمر محل قرار واضح، ربما لم يخطر لأحد على بال، ولكن أحداً لم يمتعض أو يعترض.

» لم يكن الانتقام والأخذ بالثأر والتشفي هو القاعدة في أخلاق المسلمين، بعدما خلصهم الرسول عبر تربية رشيدة من عادات الجاهلية وموروثات القبيلة.

» لم يستثن الرسول من قرار العفو الذي أصدره أحداً، بل جاء القرار عاماً وشاملاً، وهو ما يعطي للقرار السياسي في اللحظات الدقيقة من عمر الأوطان أبعاداً غاية في الروعة وتأثيرات غاية في العمق، ولذا كان دخول الناس في دين الله أفواجاً ثمرة طبيعية لهذا القرار الرشيد.

» وحدة الدولة وجمع أبنائها تحت راية واحدة، فرض عين، تتضاءل أمامه كافة الاعتبارات، خاصة وقد وضع المجتمع قدميه على طريق التحول نحو الإصلاح والتغيير، وهو ما يفسر جانباً من جوانب قرار العفو لدي الرسول، ولقد كان بوسعه هو والصحابة أن يجتروا الماضي ويذكروا أهل مكة بمساوئهم وعيوبهم، بل ويقتصوا منهم، ولكن كان السَّمْتُ العام هو الارتقاء فوق الماضي بكل ما فيه من قبح، وفتح صفحة جديدة بيضاء من عمر الوطن.

هذه الملامح الأربعة، أُهْمِلتْ إهمالاً شديداً حين انشغلت قوى الثورة المصرية «كُلية» بتصفية الحسابات القديمة، فتبعثرت جهودها، وأُهْدِرَتْ طاقتها في نبش المقبور وفضح المستور بصورة نقلت العيون من مقدمة الرأس إلى مؤخرتها، فانصرفت عن المستقبل إلى الحرث في صخور الماضي، بما أجج لردود أفعال حَدَتْ كثيراً من الارتقاء المذهل لمنحنى الثورة.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: ماذا حققت جهود تصفية حسابات الماضي مقارنة بما تم هدره من أموال وجهود؟!.

أعلم أن كثيراً سيعترضون على وجه النظر هذه، وهذا حقهم، ولكن ليقدم لي مُنصفٌ واحد كشف حسابٍ واضح يُفحم تلك النظرة، وسوف لا أتأخر في الاعتراف بعوار استنتاجي، ما دام الحوار الراقي وحب هذا الوطن العزيز «مصر» هو الذي يحكم أفكارنا  ويضبط رؤيتنا للأمور.

حفظ الله مصر.

"كلاكيت" مرة ثانية .. مصر والسعودية.."الزَّعَل ممنوع"





عبد القادر مصطفى عبد القادر
 
الكِبارُ.. لا يتدابرون، ولا يتخاصمون، ولكن قد يختلفون، فيتناقشون، فيتكاملون.. فشتان البون بين خلاف واختلاف، فالأول استبداد برأي ونزعة، والثاني فطرة تدفع للتكامل، ورتق للثقوب، ومعالجة للعيوب.. فَرُبَّ ضارة نافعة!
إنّ العلاقات بين الأمم والشعوب كائن حيّ يبقى ما بقيت الشعوب وما نبضت القلوب، فهناك أمم تتركه بلا عناية ولا رعاية، فيبدو نحيلاً هزيلاً، تتقاذفه أبسط المواقف، وتتلاعب به أتفه الأحداث، وهناك أمم ذكية ترعاه وتغذيه، فإذا هبت زوابع، أو برقت رعود، كان سدَّاً مانعاً وحصناً واقياً أمام ميكروبات الشقاق والافتراق.
ويقيني الذي لا يعتريه شك أن الذي بيننا وبين أشقائنا في بلد الحرم، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، أقوى من كل ريح، وأعتى من كل مكيدة، لأن الذي يربطنا عملاق أشم، أركانه عقيدة ودين وعروبة ونسب وتاريخ، لا تناله أفعال السفهاء ولا مكائد الخبثاء، وذلك يقين راسخ رسوخ الجبال في ضمير العقلاء والحكماء هنا وهناك.
ولا تخالجني ذرة من شك في أن قرار غلق السفارة والقنصلية السعودية بالإسكندرية والسويس، ليس إلا قراراً لتطويق الأزمة، وإنهاء للفتنة، وإيقاف لموجات الثرثرة، وليس تصعيداً كما يحلو للبعض أن يوصِّفه، لأن الذي يجمعنا ويربطنا لا يقبل فتنة ولا فرقة، والتحديات التي تواجهنا تجعل من علاقتنا مصير لا يجوز الشذوذ عنه.
إنّ كل نبرة من أي طرف للاستعلاء والاستغناء والمُعايرة، هي نبرة تصدر من عقول طائشة تحالفت مع الشيطان، ولا يصح مطلقاً أن تُقيمَ به علاقة تاريخية جمعت بلدين كبيرين، ولا يجوز أن يكون قاعدة لقياس متانة علاقة أبدية جمعت وطنين رائعين، إذ لا يخفى على كل مُبصر بعين أو ضمير أن هذه النبرات سهام مسمومة تنطلق من أقواس مأجورة، بغية إحداث نزيف في كيان علاقة لا تريح أطرافاً إقليمية ودولية.
أملي أن لا يلوذ العقلاء في البلدين - وهم كثرة - بالصمت، فلم يعد الصمت في اللحظة الراهنة عبادة ولا فضيلة، بل هو منح صلاحية مباشرة أو غير مباشرة لقلة تنشد الشهرة على حساب الثوابت، بالسفالة وقلة الأدب، وهو أمر لا يليق بقامات لها تأثيرها في الرأي العام المصري والسعودي، وتستطيع أن تشكل وعياً يطوق ويخنق تلك الممارسات الدميمة.
بقيت كلمة.. لا يمكن لمصر الاستغناء على السعودية، ولا يمكن للسعودية الاستغناء عن مصر، فهذه حتمية وفريضة الآن وغداً، وكل تشكيك فيها سطحية وغباء.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.

مصر والسعودية.. علاقة قدرية !!




عبد القادر مصطفى عبد القادر
لَنْ يَكُّفَ السفهاء من الناس عن إطلاق زوابعهم المتعمدة تجاه علاقة متجذرة في عمق التاريخ ، تجمع بين دولتين شقيقتين هما مصر والسعودية ، متوهمين أن أعمال الصبيان وأفعال الغوغائيين ستنال من قوة ومتانة هذه العلاقة الحتمية القدرية بين بلدين كبيرين وبين شعبين رائعين ، ولكن هيهات لفعال الجرذان أن تؤثر في رسوخ الجبال.

ربما عَمَدَ المسيئون - وأحسبهم من الخُبثاء - إلى إرسال تلك السموم مِراراً ، لقياس درجة مناعة وقوة الروابط الأزلية بين البلدين والشعبين ، وعليه فلا يجوز الاحتماء بالصمت حيال تلك الألاعيب المتكررة من قلة مسيئة وغير مسؤولة ، ولكن من الأهمية بمكان أن يكون لنا إستراتيجية فكرية نابعة من تفكير علمي سليم ومتأنٍ لمواجهة تلك الحيل قبل أن تستجمع قوة تنال من هيبة الوشائج القوية والعلاقات المحترمة ، لا أن تكون مواقفنا مجرد ردود أفعال صامتة أو غاضبة وانتهى الأمر.

إذن، مطلوبٌ وبشكل مُلِحٍ أن نصل فكرياً إلى القاعدة العامة من الناس وبشكل فعال ومؤثر، شريطة أن يكون التحرك جَمْعِياً في خطوط متوازية وعلى كافة المستويات، حتى نُعلمهم بهوية وطبيعة وأهمية العلاقة بين بلد الحرمين الشريفين، وبين بلد الأزهر الشريف ، دون أن نَسْمَحَ للأصوات النشاز بالتداخل أو التواجد ، وذلك لنفي الجَهَالة عن الذين لم تصلهم بعد حقيقة ما بين الشعبين الشقيقين ، وكذا لتصحيح الصورة المعكوسة لدي الذين عُرضَ عليهم الأمر عبر أشخاص ودوائر بطريقة خاطئة ، وبتحقيق الأمرين معاً يُحاصر الكارهون لاستمرار هذا الترابط والالتحام.

ويبقى السؤال ، كيف نصل إلى عقول الناس ، أو - بالأحرى - ما هي وسائلنا كي نصل إليهم؟

- الخطاب الإعلامي يجب أن يتحول ويتطور لدي المؤمنين بتلاحم وترابط الشعبين ، لأننا في الغالب نُكلم أنفسنا ، مع الاهتمام الشديد بلغة هذا الخطاب ليكون أكثر تفصيلاً واتضاحا ، وأكثر دراية واستيعاباً لمُتغيرات العصر ، حتى لا ينعزل عن حياة الناس ، وعن قضاياهم الأساسية.

- الخطاب الإعلامي حول القضايا محل النقاش والمراجعة ، يجب أن يكون أكثر رزانة وحنكة ورشداً ، لأن الآخر يَطَّلِعُ على نقاشاتنا ومناظرتنا وحواراتنا ، في عالم يتحرك فيه الحدث والحديث بسرعة البرق ، وعليه فلا يجب أن نُكَوِّنَ انطباعاً لدي الآخرين بأن لدينا حالة احتقان واختلاف.

- إبراز الوجه المُشرق تاريخياً وواقعياً للعلاقة الوطيدة بين البلدين عبر شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" ، شريطة أن يكون عملاً علمياً وممنهجاً، ويُدار عبر مؤسسات ذات اختصاص، خاصة وأن لدينا أفرداً ومؤسسات بلغوا حد الاحتراف في التعامل مع الشبكة العنكبوتية.
- يجب أن يكون للجالية المصرية في السعودية دور، وللجالية السعودية في مصر دور متمم، بالتأكيد عن نقاط الالتقاء وهي كثيرة متنوعة، وتحجيم نقاط الاختلاف وهي قليلة وضعيفة وتافهة.

إن علاقة مصر بالسعودية قدرية لا تقبل المكائد وأعمال السفهاء.

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...