كان حريٌ بمن قالوا نحن على طريق
المُعلم الأول سائرون، فلا صلاح للحياة إلا باتباع منهجه واقتفاء سيرته
وتطبيق سنته، سواء كانوا من الإخوان أو من السلفيين أو من سواهما، أن
يتعلموا - قبل أن يتكلموا - من رسول الله «صلى الله عليه وسلم» خُلق العفو
والصَّفح عند المقدرة، ذلكم الخلق البارز في سيرته الشريفة، والذي تجلي في
أبدع معانيه يوم فتح مكة، وقد كان فيها من سرق أموال المسلمين، ومن استولي
على ديارهم، ومن طردهم من أرضهم، ومن يَتَّمَ أطفالهم، ولكنَّ الرسول
الأعظم آثر العفو والصفح وكان بمقدوره أن ينتقم «ما تظنون أني فاعل بكم؟،
قالوا أخ كريم وبن أخ كريم، قال اذهبوا فأنتم الطلقاء»، ترتب على ذلك دخول
أهل مكة ومن حولها في دين الله أفواجاً.
قَدَّم الرسول الصفح هدية «للمشركين»، لأن المصلحة والضرورة كانت تقتضي الصفح، قتلاً لعصبية قد تتولد، أو لطائفية قد تنبعث، أو لشهوة انتقام قد تتوقد.. ليُقدِّمَ الرسول درساً عظيماً للناس عند هذه النقطة الفارقة في حياة الأمة.. ألْتقطُ منه على قدر فهمي المتواضع الملامح الآتية:-
» القدوة والقيادة الحازمة في المحكات الفارقة ضرورة قصوى، فلقد أطلق النبي الكريم سراح من آذوه وطردوه هو وصحابته الأطهار، ولم يكن الأمر محل تشاور كما كان شأن النبي في كثير من المواقف، ولكن كان الأمر محل قرار واضح، ربما لم يخطر لأحد على بال، ولكن أحداً لم يمتعض أو يعترض.
» لم يكن الانتقام والأخذ بالثأر والتشفي هو القاعدة في أخلاق المسلمين، بعدما خلصهم الرسول عبر تربية رشيدة من عادات الجاهلية وموروثات القبيلة.
» لم يستثن الرسول من قرار العفو الذي أصدره أحداً، بل جاء القرار عاماً وشاملاً، وهو ما يعطي للقرار السياسي في اللحظات الدقيقة من عمر الأوطان أبعاداً غاية في الروعة وتأثيرات غاية في العمق، ولذا كان دخول الناس في دين الله أفواجاً ثمرة طبيعية لهذا القرار الرشيد.
» وحدة الدولة وجمع أبنائها تحت راية واحدة، فرض عين، تتضاءل أمامه كافة الاعتبارات، خاصة وقد وضع المجتمع قدميه على طريق التحول نحو الإصلاح والتغيير، وهو ما يفسر جانباً من جوانب قرار العفو لدي الرسول، ولقد كان بوسعه هو والصحابة أن يجتروا الماضي ويذكروا أهل مكة بمساوئهم وعيوبهم، بل ويقتصوا منهم، ولكن كان السَّمْتُ العام هو الارتقاء فوق الماضي بكل ما فيه من قبح، وفتح صفحة جديدة بيضاء من عمر الوطن.
هذه الملامح الأربعة، أُهْمِلتْ إهمالاً شديداً حين انشغلت قوى الثورة المصرية «كُلية» بتصفية الحسابات القديمة، فتبعثرت جهودها، وأُهْدِرَتْ طاقتها في نبش المقبور وفضح المستور بصورة نقلت العيون من مقدمة الرأس إلى مؤخرتها، فانصرفت عن المستقبل إلى الحرث في صخور الماضي، بما أجج لردود أفعال حَدَتْ كثيراً من الارتقاء المذهل لمنحنى الثورة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: ماذا حققت جهود تصفية حسابات الماضي مقارنة بما تم هدره من أموال وجهود؟!.
أعلم أن كثيراً سيعترضون على وجه النظر هذه، وهذا حقهم، ولكن ليقدم لي مُنصفٌ واحد كشف حسابٍ واضح يُفحم تلك النظرة، وسوف لا أتأخر في الاعتراف بعوار استنتاجي، ما دام الحوار الراقي وحب هذا الوطن العزيز «مصر» هو الذي يحكم أفكارنا ويضبط رؤيتنا للأمور.
حفظ الله مصر.
قَدَّم الرسول الصفح هدية «للمشركين»، لأن المصلحة والضرورة كانت تقتضي الصفح، قتلاً لعصبية قد تتولد، أو لطائفية قد تنبعث، أو لشهوة انتقام قد تتوقد.. ليُقدِّمَ الرسول درساً عظيماً للناس عند هذه النقطة الفارقة في حياة الأمة.. ألْتقطُ منه على قدر فهمي المتواضع الملامح الآتية:-
» القدوة والقيادة الحازمة في المحكات الفارقة ضرورة قصوى، فلقد أطلق النبي الكريم سراح من آذوه وطردوه هو وصحابته الأطهار، ولم يكن الأمر محل تشاور كما كان شأن النبي في كثير من المواقف، ولكن كان الأمر محل قرار واضح، ربما لم يخطر لأحد على بال، ولكن أحداً لم يمتعض أو يعترض.
» لم يكن الانتقام والأخذ بالثأر والتشفي هو القاعدة في أخلاق المسلمين، بعدما خلصهم الرسول عبر تربية رشيدة من عادات الجاهلية وموروثات القبيلة.
» لم يستثن الرسول من قرار العفو الذي أصدره أحداً، بل جاء القرار عاماً وشاملاً، وهو ما يعطي للقرار السياسي في اللحظات الدقيقة من عمر الأوطان أبعاداً غاية في الروعة وتأثيرات غاية في العمق، ولذا كان دخول الناس في دين الله أفواجاً ثمرة طبيعية لهذا القرار الرشيد.
» وحدة الدولة وجمع أبنائها تحت راية واحدة، فرض عين، تتضاءل أمامه كافة الاعتبارات، خاصة وقد وضع المجتمع قدميه على طريق التحول نحو الإصلاح والتغيير، وهو ما يفسر جانباً من جوانب قرار العفو لدي الرسول، ولقد كان بوسعه هو والصحابة أن يجتروا الماضي ويذكروا أهل مكة بمساوئهم وعيوبهم، بل ويقتصوا منهم، ولكن كان السَّمْتُ العام هو الارتقاء فوق الماضي بكل ما فيه من قبح، وفتح صفحة جديدة بيضاء من عمر الوطن.
هذه الملامح الأربعة، أُهْمِلتْ إهمالاً شديداً حين انشغلت قوى الثورة المصرية «كُلية» بتصفية الحسابات القديمة، فتبعثرت جهودها، وأُهْدِرَتْ طاقتها في نبش المقبور وفضح المستور بصورة نقلت العيون من مقدمة الرأس إلى مؤخرتها، فانصرفت عن المستقبل إلى الحرث في صخور الماضي، بما أجج لردود أفعال حَدَتْ كثيراً من الارتقاء المذهل لمنحنى الثورة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: ماذا حققت جهود تصفية حسابات الماضي مقارنة بما تم هدره من أموال وجهود؟!.
أعلم أن كثيراً سيعترضون على وجه النظر هذه، وهذا حقهم، ولكن ليقدم لي مُنصفٌ واحد كشف حسابٍ واضح يُفحم تلك النظرة، وسوف لا أتأخر في الاعتراف بعوار استنتاجي، ما دام الحوار الراقي وحب هذا الوطن العزيز «مصر» هو الذي يحكم أفكارنا ويضبط رؤيتنا للأمور.
حفظ الله مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق