الثلاثاء، 1 مايو 2012

حَانَ وقتُ الاتحاد!



من المعلوم يقيناً أنَّ البشر لم يُخلقوا على هيئة واحدة، لا لوناً، ولا علماً، ولا قوة..الخ، غير أن المتأمل بعين الفكر المجرد لهذه الآية الربانية في الخلق يجد في ذاك التنوع والتباين أمضى وسيلة نحو الترابط والتكامل، لا التناحر والاختلاف.. كيف ذلك؟!.


لقد خُلقنا بفطرة تدفعنا نحو شوق دائم لتحقيق الاكتمال، ومن عجبٍ أن تلك الحاجة لا تُلبى إلا بالتصاق فرد بفرد، أو فرد بمجموعة أفراد، أو مجموعة بمجموعة، وهكذا، وكأن من قدرنا أن نعيش في حالة احتياج مستمرة لبعضنا البعض، كي يتعطش كل منا إلى الوحدة والترابط، في مشهد فطرى يعلن عن ثورة تلقائية على كل صور الفردية والتشرذم.


ولأن البعض لا يروق لهم أن تمضى الحياة على هذا النسق الرباني الجميل الذي لا مجال فيه «للأنا»، فإنهم لا يدخرون وسعاً في إثارة الضغائن عبر النفخ في أبواق التعصب الممقوت، ليس بالقرع على طبول الحرب كما كان الحال قديماَ، وإنما بالعزف المُتقن على النزعات الفردية والفئوية، مع إلباس ما يقومون به ثوب التعددية أحياناً، وثوب الحرية أحياناً أخرى، أو ما شاكل ذلك من مفردات براقة وجذابة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

لقد حانَ الوقت لنتحد بكل انتماءاتنا تحت مظلة الوطن «مصر»، جاعلين من اختلافاتنا نهراً دفّاقاً يروي ظمأ وحدتنا، لا سيفاً نُقطِّعُ به ما تبقى من أواصر وحدتنا، فالخطب جلل، والأمر جدُّ خطير.. فهنالك في القريب ذئاب مسعورة تترصَّدُنا بعيون جائعة، ومخالب مسنونة، متشوقة لفرصة من تدابر وتناحر، أو تفرق وتمزق.. لتنقض وتفترس!.
مصر يا سادة فوق كل اعتبار.. ولاشك أنكم تحبونها وتعشقون ذرات ترابها، ولكني أطالبكم بشيء من إنكار الذات، فلسنا في مرحلة تتحمل ترف البحث عن منصب أو حقيبة أو كرسي زائل.. ولا أطالبكم في الوقت ذاته بإيقاف برامجكم الطموحة، ورغبتكم الصادقة في خدمة هذا الوطن العزيز، ولكني أطالبكم بالهدوء والتريث وانتقاء مفردات خطابكم إلى الناس، كي لا تُثار عصبية لتيار أو آخر.
لقد صَنعتْ مصر ثورة عظيمة، قام بها شباب أخيار أطهار وحماها جيش وطني باسل، تلك حقيقة شهد بها العدو قبل الصديق، وانبهر بها البعيد قبل القريب.. إذن فلا يجب التغافل عن حقيقة تنير درب كل السائرين نحو نهضة مصر، وإلا «فالمطبات» قادمة، و«الحفر» سانحة، و«الكبوات» واردة.. والثمن سيدفعه مصريون أحبوا الحياة بكم، وتعشموا في غدٍ يرفع كواهلهم غبار الألم بفعلكم.
بقيت كلمة.. لما جاء الإسلام (الذي يتحدث به الكثيرون الآن) نقل العرب من مجرد قبائل متناثرة لا رأى لها، ولا شأن، ولا قوة، ولا اعتبار، إلى أكبر دولة على الأرض، من خلال تلكم الوصفة السحرية التي لملمت هذا الشتات المتناثر على أسس من العدل والمساواة والمحبة الصادقة، مع احترام حق المناقشة وإبداء الرأي والمجادلة بالتي هي أحسن، ترتب على ذلك حال غير الحال، وصارت دولة الإسلام دولة عظمى لم يعرف التاريخ لها مثيلا..!

فليت كل المتشاحنين، والمتخاصمين، والمتنابذين.. يعقلون!!.

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...