عبد القادر مصطفى عبدالقادر
حتى لا نُساق كالنعاج!
الثلاثاء 2012/4/17 6:23 م
عندما يعجز المثقفون والمحللون عن إيجاد تفسيرات منطقية للأحداث المتلاحقة على المسرح السياسي، فإن ثمة إشكالية كبرى تلوح في الأفق، تدفع الجميع إلى دوامة مظلمة من التخمين أو التخوين أو التشكيك، مما ينذر بكارثة سياسية لن ينجو من نارها أحد.
تلك الفوازير اليومية التي تُساقُ إلينا، أو نُساقُ إليها، تفتح الباب أمام سيناريوهات لا يتوقع فصولها أبرع المحللين، وإن بَرَع في الثرثرة حولها كافة الدَّجالين، والمتلاعبين بالكلمة وبطيبة هذا الشعب المسكين، على نحو يكرس للضبابية والغموض، وإشاعة الحيرة والتوجس والقلق.
ما معنى أن تكون رجلاً تتحدث إلى الناس بــ «قال الله، وقال الرسول»، فيتلمَسُ الناس فيك الصدق تأثراً بحبهم لمنهج الله، ثم تغير رأيك كل يوم، والأنكى أن تسعى لتبرير الأمر وإقناع الناس بما صنعت بــ «قال الله، وقال الرسول» أيضاً، وكأن الدين قد وضِع رَهْنُ إشارتك تشكله كيف تشاء.. فإما إنك لا تملك من الأصل رؤية تتصرف على أساسها، أو أن هيبة الدين تحتاج إلى مراجعة لديك، أو أن عقول الناس لا وزن لها عندك.
المصريون حين ذهبوا بالملايين إلي صناديق الانتخاب، ذهبوا ليغيروا معالم سياسة قبيحة حكمت الوطن على مدى عقود، سياسة من المراوغة والخداع والتضليل، ولم يكن في مخيلتهم أنهم سيأتون بآخرين يمارسون عليهم نفس الدور الدميم، وإن اختلفت الوجوه.
أحْسبُ أنني وجدت الآن تفسيراً معقولاً ومقبولاً لظاهرة الصراع السياسي بين الإخوان وبين النظم السياسية المتعاقبة على مدى عقود طويلة، بداية من حكم الملك فاروق وحتى قيام ثورة 25 يناير، إذ لم يكن سبب الصراع هو التزام الجماعة بالدين كما قالت مراراً وتكراراً، ولكن كان سببه مطامعها الشديدة في السلطة، فقد كانت كل النظم السابقة تقرأ هذا في عيون الإخوان وفي تصرفاتهم.
لقد كشف النمط السياسي للإخوان من بداية الثورة إلى الآن عن رغبة ضارية في السلطة، نسفت كافة الشعارات التي أطلقتها لتكسب تأييد الناس في المرحلة الثورية، فأضحي شعار «مشاركة لا مغالبة» مجلبة للسخرية والتهكم، بعدما استحوذوا على ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان، وبعدما أخذوا رئاسة المجلس واللجان النوعية، وبعدما استحوذوا على رئاسة وعضوية اللجنة التأسيسية للدستور بفكرة (50:50)، وبعدما خطفوا معظم النقابات المهنية في مصر.. الخ، ولم يتبق إلا ( رئاسة الجمهورية + رئاسة الوزراء + المحليات)، وبذلك يعيد الإخوان صورة الحزب الواحد التي حاربوها على مدار عقود.. فأي منطق هذا؟!.
لقد كان بوسع الإخوان أن يلعبوا في حلبة السياسة فقط عن طريق حزب الحرية والعدالة، وعندئذٍ ما كان لهم أن يتلقوا تلك الجحافل من سهوم النقد، لأن السياسة تتقلب بين عشية أو ضحاها بين عدة وجوه، أما وأن الجماعة قد ظهرت مع الحزب في وسائل الإعلام، فذلك منح كل غيور على الدين الحق في نقدهم، لأن الدين لا يعرف التلون والمراوغة والكذب!.
صدقوني لن ينساق الناس وراء شعاراتكم بعد اليوم.
** عضو نقابة الصحفيين الالكترونيين
abdelkader_khalel@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق