08/25/2011 | عبد القادر مصطفى
يحدث أن تتعانق قلوبٌ وتتشابك أرواحٌ، بلا تمهيد أو سابق إنذار، ودون أن يمنع بُعد المكان وتباعد الأوطان من لقاءات وعناقات أبت الأرواح و القلوب إلا تتمها من خلال عالم غير مشهود، لا يخضع لقانون الزمان والمكان.
يقولون: بينما كان البشر أجمعهم في عالم الغيب ذراً، التقى بعضهم بعضاً، فتعارفت أرواح فتآلفت، وتناكرت أرواح فاختلفت، وذا يُفسر كيف أنى أسمع الرجل أو أراه فيقع في نفسي إحساسٌ لا أدرى له مصدراً يقول: أنت رأيت هذا الشخص من أمدٍ أو تعرفه من زمن، والعجيبُ أنني حين أجاذبه الحديث للمرة الأولى، أشعر براحة الملهوف إذ رُدت لهفته، وبفرحه المستغيث إذ وجد ضالته، وبرىِّ الظمآن إذ أطفأ عطشه.
هناك أسرار من وراء العالم المشهود، ربما لا ندرك لها تفسيراً، تدفعنا دفعاً إلى الحب أو الكره.. إلى الاطمئنان أو القلق، دون أن نضعَ أيدنا على سببٍ واضحٍ يبرر هذه المشاعر، فإذا جمعنا القدر للمرة الأولى بأناس لم نعرفهم.. للوهلة الأولى يقع في روعنا أننا نعرفهم منذ زمن بعيد، ولا ندري من أي مصدر قد جاءنا هذا اليقين.
في الحقيقة هناك أشياء نبصرها وأشياء لا نبصرها.. قال الله تعالي { فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ }{ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ }(38) ، (39) سورة الحاقة.. هذا العالم الذي لا نبصره عالم كبير.. لا نفهم نواميسه ولا ندرك قوانينه، وربما كان هذا العالم هو مسرح التقاء الأرواح.. قال المعصوم عليه الصلاة والسلام { الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف }.
يا أخي.. لقد رأيتك قبل أن أراك، وكلمتك قبل أن أكلمك، وجالستك قبل أن أجالسك، وعرفتك قبل أن أعرفك.. ولا تقل لي كيف!.
أما تراني قد بُحتُ لك بأسراري يقيناً مني بأنك لن تفشيها.. لأنني اطمأننت لك، وراهنت على وفائك وإخلاصك، رغم قصر المدة التي تلاقينا فيها عيناً، لكن ربما تلاقينا غيباً لوقت طويل.. هل تشعر بذلك؟!.
إن العلم سيقف عاجزاً عن فهم كل أسرار النفس، ولن يجد تفسيراً مقنعاً لكل ما تفعل.
abdelkader_khalel@yahoo.comhttp://www.albedaya-algadida.com/article-2822.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق