عبد القادر مصطفى عبد القادر
تعالوا لنعالج معضلاتنا..
بل يتفوق خطر الفئران " في مرحلة ما " حين تُترك تعبث بلا تخويف ولا مقاومة، وذلك يحدث كثيراً في المجتمعات التي تحاول أن تطفئ اللهب الظاهر، تاركة الجمر يتأجج تحت الرماد، ولعل الناس لا يتذكرون أن الفئران الصغيرة هي التي أهلكت سد مأرب!.
إنَّ الفساد المالي يقع من النوافذ الصغيرة كما يقع من الأبواب الكبيرة، فكله فساد ينخر في عصب الاقتصاد وإن اختلفت الكيفية، وإن اختلف حجم التأثير اللحظي على عافية الاقتصاد وتماسكه، فما أسكر كثيره فقليله حرام..!".
كنت ولا زلت متأكداً، بل متقيناً، أن تسوية السُّلف المالية بالفواتير في المؤسسات الحكومية باطل "قانوني"، تتم في رحابه سرقة أموال الدولة، تحت ذريعة شراء الخامات المُستهلكة لتيسير وتسيير عمل المؤسسة، بل هي إيعازٌ غير مباشر بممارسة التزوير والسرقة التي لا يكتشفها أحد، رغم علم الرقابيين بها!.
ذلك لأن عروض الأسعار المُقدمة والتي لا تقل عن ثلاثة، تُشترى على بياض من الشركات البائعة للخامات، لتضع فيها لجنة المشتريات الأصناف والأسعار كيفما يروق لها، أو يقوم ساحب السلفة بالمهمة نيابة على لجنة المشتريات التي تمارس - في الغالب - عملاً على الورق فقط!.
ثم يتم تحرير محضر صوري بعروض الأسعار، ثم اختيار العرض الأقل سعراً مقارنة ببقية العروض، ثم تقوم لجنة المشتريات، أو في الغالب ساحب السلفة بشراء الخامات بالطريقة التي يراها سواء كانت لازمة أو غير لازمة.. فلا رقيب عليه حتى هذه اللحظة من رئاسة مباشرة أو رقابة مالية!.
بعد ذلك يتم شراء الفواتير المختومة على بياض، كي تملأها لجنة المشتريات أو ساحب السلفة في الغالب، لا ليضع ما تم صرفه بالفعل، ولكن ليسوي كامل مبلغ السلفة بالتمام والكمال، لأن هذا هو أهم أمر لدي جهات الرقابة المالية بكافة مستوياتها، أن تكون الفواتير سليمة ومعدة بطريقة مالية سليمة.. مبلغ تم سحبه ثم تم تسويته بفواتير مختومة وفقط، وما بين ذلك، وما بعده من إجراءات تمثل قشوراً لا يهتم بها أي مسئول!.
وبحكم دراستي التجارية أجزم أن هنالك مبالغ يتم صرفها حسب "مزاج" رئيس العمل، ولجنة المشتريات، وساحب السلفة.. وكأنهم يعاقبون الدولة على الثقة التي منحتها لهم، وللأسف يري كثير من موظفي الدولة أن هذا حقهم لقاء ما بذلوه في جهد في تسوية السلف المالية، رغم أن الدولة تقرر لهم مرتبات شهرية جراء أدائهم لأعمالهم، ولكن أتوجه باللوم إلى طريقة مالية تقنن عملية السرقة بمنتهى السهولة ودون أن يثبت ذلك أبرع الخبراء!.
لذا أرجو إلغاء نظام الصرف على الخامات المستهلكة عن طريق السلف، بأن يخصص لها بند معروف ومحدد من أوجه الصرف، وأن يسند الصرف واستلام العهدة إلى أمناء مخازن متخصصين على مستوى كافة المؤسسات الحكومية، بحيث يتم توزيع الأعمال عليهم بطريقة تسلسلية تضمن صرف المبالغ في مجاريها الحقيقية.
حفظ الله الوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق