السبت، 4 يونيو 2011

الثورة.. التربية والعصا


06/04/2011 


بقلم: عبد القادر مصطفى

تضع المنح - كما تضع المحن - طبائع وأخلاق الناس على المحك، فتمييز الخبيث من الطيب، والغثُّ من الثمين!.
ولقد أماطت ثورة 25 يناير اللثام عن كثير من الحقائق، التي ما كان لها أن تتبدي لولا أن منَّ الله على مصر بهذا الحدث الجلل، فأخرج من المصريين أفضل وأسوأ ما فيهم من سلوكيات وأخلاقيات، لتقف مصر على حقيقة أبنائها في هذا الظرف الدقيق، ليكون ذلك توطئة جيدة لما سَيُتَّبعْ من إجراءات خلال المرحلة المقبلة.
إنَّ الأحداث تؤكدُ حاجتنا إلى ثورة أخري.. ثورة تمسك بيدها الأولى منهجاً تربوياً عصرياً متكاملاً مستمداً من روح شريعتنا، ومن أصول ثقافاتنا، لتُربي به وعليه الأجيال القادمة، وتمسك باليد الثانية قانوناً صارماً تعاقب به الذين لا ينصاعون للوعظ والتوجيه والتقويم، وهم من اكتسبوا عبر عقود طويلة سلوكيات رديئة لا يفلح معها سوي الحدُّ والتلجيم عبر إجراءات رادعة.
فأما الأول، فلسنا أقل من نضع نظامياً تربوياً دقيقاً يتناول أخلاق وسلوكيات النشء بالتأسيس والبناء والتهذيب والتجميل من خلال آليات عصرية قابلة للهضم والفهم، بعيداً عن الانغلاق المذموم أو الانفتاح الممقوت، وبما يؤسس لجيل معتدل فكرياً، ومنضبط سلوكياً، على أن يساهم في إنشاء هذا النظام علماء الدين و التربية، والمفكرين والأدباء، والمُعلمين والمثقفين، ثم ليطبق هذا النظام بعناية فائقة ومتابعة صارمة على أولادنا في مرحلة التعليم قبل الجامعي عبر خطوات ومراحل مدروسة.
إنَّ ما فرض الحديث عن التربية في المدارس ما تشهده أروقتها من تدنٍ واضح في السلوك، وتراجع مشهود في مستوي الأخلاق، ونقض حاد في مستوي الرقي والتحضر، لأنه لا يوجد نظام تربوي جاد يلتزم به الجميع ويُحاسب على أساسه الجميع، بحيث يصبح الطالب طالباً، والمعلم معلماً، رجوعاً إلى العلاقة المحترمة الراقية بين المعلم والمتعلم، في ظل مفهوم «المدرسة مؤسسة للتربية قبل التعليم»، لأن التربية هي خُلق التعليم، وبدونها لا تعليم.
وأما الثاني، فهو القانون الذي لا يعرف إلا الحق والعدل دون استثناء ولا مجاملة، بحيث يكون هذا القانون أداة ردع وحساب وعقاب لكل من تسول له نفسه أن يخرج عن النص، خاصة مع أولئك الذين تهوي أنفسهم المخالفة والعصيان والإفساد، فلا ضمير يَعصمهم، ولا نصيحة تُرجعهم، ولا تحذير يَزجرهم.. فهؤلاء لن يصلحهم إلا العقاب الذي أساءوا الأدب في غيابه، فمن لا يفهم بالإشارة، تردعه العصا.
-
 abdelkader_khalel@yahoo.com

البداية الجديدة
http://www.albedaya-algadida.com/article-1212.html

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...