الجمعة، 3 يونيو 2011

هل لك بصمة؟!

عبد القادر مصطفى عبد القادر
شيءٌ رائعٌ للغاية أن يكون للفرد أو المجتمع بصمة على جبين الحياة من خلال فكر ثاقب، أو علم نافع، أو إنتاج متميز، أو أي عمل صالح آخر، في أي جانب من جوانب الحياة.

إنَّ الإنسانَ مَخلوقٌ مُسْتخْلفٌ في الأرض ليَعْمُرَها، بما أوتى من عقل وإرادة، إذ العقلُ للتفكير والتدبير، والإرادة لإخراج عَمَلَ العقل إلى حيز التطبيق، وعبر رَصِيدِ التجارب المتعاقبة تتسع خبرة العقل في رَأبِ مناطق الخلل التي أفرزها عمل الإرادة، في مشهد تناغمي جميل بين فكر مُحْكم وعمل مُتقن.

ومن تلاحم عمل العقل وعمل الإرادة تتشكل أرض صالحة تنبت فيها هوية وشخصية كل امرئ على حده، فيتخلق بذلك التباين بين البشر ارتفاعاً وهبوطاً ولكن في شكل منظومي يهب لكل فرد - متى أراد - فرصة الإفصاح عن قدراته ومواهبه أياً كان قدر ومستوى ما يؤديه من عمل، وبغض النظر عن التصنيف العنصري لوجاهة أو وضاعة مهنة فلان أو عِلان، لأنها في النهاية إفصاح عن الذات في حدود ما منحت الأقدار من مَلكاتٍ وقدرات.

معنى هذا، أن كل إنسان يقدر على إحداث بصمة في محيطة ووسطه متى أراد أن يكون إيجابياً.. متى أن يكون فاعلاً لا مفعولاً به.. متى أراد أن يعيش في قلب الحدث لا أن يكون على الهامش، ولا فرق في المضمار بين فرد وآخر وإن تسلطت الأضواء على أحدهم وانزوت عن الآخر، لكن يبقى لكل عمل قيمته وأهميته، حين يؤديه صاحبه بيقظة وضمير لا يسهو ولا يغفل.

في تاريخنا الإسلامي قصة رائعة لرجل بسيط (من العامة) آثر أن يكون له بصمة كُتبت في صفحات التاريخ بحروف من نور.. سُميت القصة بقصة (صاحب الثغر)، مفادها.. أن جيشاً للمسلمين حاصر حصناً منيعاً من حصون الروم مدة طويلة، وما استطاعوا أن يتسلقوه أو يخرقوه لمناعته، حتى اهتدى قائد الجيش إلى فتحة في الحصن لا تسمح إلا بمرور فرد واحد وبجهد جهيد.. نادي القائد في جنده: من منكم ينفذ من الثغر ليفتح باب الحصن؟ فلم يتقدم إلا جندي مجهول بين الجنود، لأن الداخل مقتول لا محالة، فقال: أنا، ولكن بشروط ، فقال القائد: وما هي، قال الجندي:
(1) ألا يُذكر اسمي عند الخليفة.
(2) ألا يسود اسمي في صحيفة.
(3) ألا يُأمر لي بمكافأة.
فتعجب القائد وقال: لك ما طلبت.
فنفذ الجندي من الفتحة وقاتل قتال النمور حتى وصل إلى الباب ففتحه ثم مات، وقضى الأمر، فكان قائد الجيش يقول دائماً في دعائه (اللهم احشرني مع صاحب الثغر.)
فيا عزيزي.. اترك بصمتك مهما كان موقعك.
-
الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2010/01/29/article_341460.html

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...