الثلاثاء، 24 مايو 2011

قالت بقوة.. أنا حُرَّة!!




عبدالقادر مصطفى عبدالقادر

في فترة تأمل واسترسال قالت: من لا يعشق الحرية لا يعرف للحياة مذاقاً.. ومن يقبل العيش في غير كنفها فكأنما قد مات ولو كان حياً.. ومن رأى طريقاً لنيلها، وأبى إلا القعود، رضي بالمؤخرة، واختار الرقم الأخير في قائمة الموجودات كلها!!.


هل رأيت العصفور.. ولو كان في الذهب مأسور.. كيف يبدو حزيناً.. نحيلاً.. متوتراً، ويوم أن يُفتح له الباب، ينسي الرفيقة والأصحاب، والحَبَّ والشراب، وينطلق ملهوفاً يعانق الحرية فوق السحاب، بلا روية ولا حساب، وكأنه قد حاز الأرض، وورث الفضاء!!.



أو هل رأيت الماء.. إن توقف عن الجريان، والانطلاق بين الوديان؟!.. لونٌ تغير، وطعمٌ تحول، وريحٌ تبدل، وحزنٌ خيم على الشطآن.. ثم أرأيت يوم أن ينعتق من أسر السدود، ومن ضيق الحدود؟!.. كيف يكون رقراقاً.. عذباً.. متألقاً.. متدفقاً.. هادراً.. متحرراً من قيد العبيد!!.

أو هل رأيت الهواء؟.. إن حُبس كان خطيراً، وإن تحرر كان نسيماً عليلاً.. ويوم الإنعتاق من أسر الوعاء.. يعلن عن دوى قوى.. سروراً بالانطلاق!!.


وهكذا، فكل الأشياء المادية والمعنوية تريد أن تبقى حرة، طليقة، بلا قيود و لا سدود، تسبحُ في ملكوت الله، في حدود ما أراد الله، لتؤدى دورها، وتُفصح عن وجودها، وهى في هذا السياق تؤثر وتتأثر، فينتج من ذا التفاعل وقوداً حاراً، يندفع في شرايين الحياة، فيعطيها تجدداً وتنوعاً ونماءً.

قلت لها: يوشك المقصود أن يلامس بؤرة الشعور، فدعميه بقبسة أخرى من حديثك الحكيم، ليستقر في الواجدان وفى الجنان!!.

قالت: أنا والحرية عُشاقٌ من الأزل.. فهي سفينتي التي خُضت بها اللجج، وكابدت بها قمم الموج، وصارعت بها عاتيات الريح، حتى وصلت إلى شاطئ فشواطئ، ولولاها لابتلعني اليمُّ الهادر في جوفه من زمن، فصرت نسياً منسياً، ولولاها ما وصل ضوء إلى دروبٍ عانت من ظلمة الوهم والخرافة أمداً.

أرأيت الضوء حين يغمُر كهفاً، ماذا يُحدث فيه؟.. خفافيش تنزوي، وحشرات تختفي، وأرض وجدران تغتسل بالضوء من أدران الجهل!!.

ثم قالت: هذه أنا حين أنطلق مداداً عبر الورق، أو خطاباً عبر الأثير، أو حواراً، أو مناظرة، أو....أو....الخ.

أتدرون من كانت تكلمني؟!.

إنها الأفكار النبيلة...!!.

http://www.aleqt.com/2010/03/05/article_359023.html

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...