السبت، 19 فبراير 2011

كُوني زوجتي.. وافعلي ما شئتِ!



عبد القادر مصطفى عبد القادر
«الرجل لا يطلب المستحيل حين يبحث عن شريكة لحياته، تتحقق فيها شروط وأركان الزوجة الصالحة، وإن من حقه المشروع أن يطمح إلي ذلك ويسعى إليه، ولا عيب عليه».

إنَّ سَعْي الرجل إلى الزواج، هو في حقيقة الأمر بحثٌ عن أشياء يفتقدها في حالهِ الراهن، ويَوَدُّ العثور عليها بإتمام زواج شرعي بمن تَحِلُّ له، من أهمها: طلبُ السكن، والمودة، والرحمة، وهي ثلاثية لا تتحقق مجتمعة إلا في ظلال زواج مكتمل الأركان، يُفصحُ عملياً عن آية الله في خلقه وسنته في عباده.

فإنْ أجادتْ المرأة دورها كزوجة وشريكة حياة، على نحو يرضى الله أولاً، ثم الزوج ثانياً، فلا ضير عندئذٍ أن تبحث عن إثبات ذاتها وتأكيد هويتها في المجتمع، بما يتسق مع مؤهلاتها وقدراتها وطبيعتها كأنثى، وبما لا يصطدم مع النصوص الشرعية والأعراف الاجتماعية، ودون أن تخل في أي لحظة بواجبها المقدس نحو بيتها وزوجها، وبما يضمن بقاء العلاقة الزوجية دائرة على مدار المودة والرحمة.

ولا أظن أن رجلاً سوياً سيكون عَثرة في طريق زوجته نحو المعرفة وتأكيد الذات، متى أشعرته - في كل حين - أنه ذو منزلة عليا في قلبها ووجدانها، وأنه أحق الناس بحسن صحبتها وعشرتها، وأنه صاحب الأمر المُطاع مادام في طاعة الله ورسوله، عندئذٍ ستجد الزوجة رجلاً يبسط لها يَدُ المساعدة والمساندة في كل ما تطمح إليه من نبوغ وتفوق.

لكن الواقع يؤكد أن الزوجة العاملة تحديداً، تهمل - مع انشغالها بتنمية مركزها الوظيفي - بعض أو كل واجباتها نحو زوجها وبيتها، ومن هنا تبدأ المشكلة.. إذ مهما أعلن الرجل من ديمقراطية ومرونة حيال ذلك، فإن شيئاً من ضيق وحنق سيسيطران على نفسه، لأن الرجل لا يرضى بغير أن يكون الأول في قائمة أولويات زوجته، فما بالنا إن وجد نفسه في لحظة ما خارج هذه القائمة؟!.

بالقطع، إنّ الرجل لا يريد وزيرة ولا سفيرة في بيته، ولكن يريد زوجة وأماً لأولاده، وإنْ تحقق بعد ذلك أي نجاح فلا بأس به ولا ضير منه، وهنا لا يجب أن يُتهم الرجل بالأنانية، كما يذهب إلى ذلك دُعاة أنصار المرأة، الذين يرون في طاعة الزوجة لزوجها دحراً لشخصيتها، وقتلاً لمواهبها، ودفناً لطموحها، ثم يُصَدِّرون هذا المفهوم بلغة مَعَسولة هنا وهناك، فتردده بعض الدوائر بلا تعقل، فنصبح ونمسي أمام حرب وهمية بين الرجل وزوجته!.

والسؤال: لماذا نتجه إلى الشرق أو الغرب لاستيراد نماذج جاهزة لإدارة العلاقة بين الرجل وزوجته؟! لماذا لا نتجه إلى ديننا، وفيه الكفاية، لضبط هذه العلاقة على ميزان العدل والرحمة، بغية التماس صيغة جديدة لحل الإشكاليات التي أفرزتها طبيعة العصر، ليبقي الرجل زوجاً، وتبقي المرأة زوجة، مع حفظ كافة الخصوصيات لكل طرف، بما يضمن استقراراً أسرياً واجتماعيا؟!.

رغم أنني لستُ من المؤمنين بنظرية المؤامرة، لكني أري أن العلاقات الزوجية في بيوت المسلمين ستشهد تدهوراً خطيراً خلال السنوات القادمة بفعل كثير من الضغوط والوساوس، لأن المرأة علمت ما لم تكن تعلم، وتعلمت ما لم تكن تعرف، ولا أقصد بذلك إلا أن تُدفع المرأة بموجب معارفها في الطريق السديد، بعيداً عن مطالب التحرر من الالتزامات الأسرية، وبعيداً كذلك عن مطالب المنع والحجر ومصادرة التعبير عن الذات، كي تمارس المرأة دورها الرئيس كزوجة وأم أولاً، ثم لتُعَبِّرَ عن ذاتها وتفصح عن قدراتها العلمية والفكرية في المجتمع، بما يؤكد قدرتها على المشاركة الفاعلة.

ليس عيباً أن يصحح المجتمع - أي مجتمع - أوضاعه حيال نسائه، اليوم قبل غداً، ليكون هو الذي غيَّرَ قبل أن يُفرض عليه التغيير، بلغة قد لا تتفق مع موروثاته الثقافية والقيمية، وفرق شاسع بين ما أقوم به الآن، وبين ما تفرضه ضغوط اللحظة غداً.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
http://www.aleqt.com/2010/12/15/article_479190.html

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...