الخميس، 19 مايو 2011

مطالبكم أم ثورتكم؟!

 



يعتصر قلبي ألماً وأنا أري احتجاجات هنا واعتصامات هناك، إذ لا يمر يوم إلا وتخرج فئة إلى الشارع رافعة لافتات الاعتراض على قرار قد صدر، أو مطالبة بتحقيق قائمة من البنود يعجز الظرف الراهن عن تلبيتها، في مشهد يُفصح عن قلة وعي، وسوء فهم، وأنانية فجة.

أعتقد ويعتقد معي الكثيرون أن الثورة قد حققت - وبكافة المعايير - ما لم يخطر على قلب أي مصري، حتى ولو كان خبيراً في السياسة أو عبقرياً في التحليل أو فلتة في التنبؤ بمعالم المستقبل.. ما حدث في الفترة الوجيزة الماضية فاق كل تصور أو تخيل، بل كان حلماً بعيداً لو أفصح به مُفصح لوصمناه بالجنون، وكيف لا وقد اقتلعت رياح الثورة المباركة تلك الشجرة الخبيثة التي تجَذَّرت وتفرعت وتورقت على مدي ثلاثين عاماً.

ذلك يدعونا إلى الثقة العميقة في قواتنا المسلحة التي حمت الثورة وانحازت لمطالبها، وقد كان في وسعها أن تفعل العكس لو أرادت، ولكنْ وفق الله مجلسها الأعلى، فاتخذ القرار الأغلى، فانضم إلى الشعب في خندق الدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة، فحقن بذلك دماء أبناء الوطن، وأسبل على ثورتهم لباس الهيبة والمنعة، في مشهد سيكتبه التاريخ في أنصع صفحاته بمداد من ذهب.

الآن وقد تولي المجلس العسكري إدارة البلاد في فترة انتقالية دقيقة، ثم اتخذ من القرارات ما أكد به على صدق المبدأ الذي جهر به منذ اللحظة الأولى لهو أمر يجب أن يخلق  لدي الناس حالة من الاطمئنان نحو حياتهم ومستقبلهم وتحقيق آمالهم ومطالبهم، ولكن هناك ضرورات عاجلة وملحة تتعلق بمصير بلد بأكمله، تكمن في تحقيق الأمن ونشر الاستقرار وإرجاع الطمأنينة لتدور عجلة الاستثمار والإنتاج من جديد، وهو أمر يمثل تحدياً ضخماً أمام المجلس العسكري، يعمل على انجازه وتحقيقه ليلاً ونهاراً، وهو بلا شك أهل لذلك.

إنَّ أملي أن يتفهم أرباب المطالب الفئوية طبيعة المرحلة الراهنة، وأن يتعاملوا مع معطياتها بشيء من الوطنية والصبر، كي تعبر البلاد هذه اللُّجة الهوجاء إلى شاطئ تحقيق الرخاء والعيش السعيد لجميع أبناء مصر الأوفياء.

تلك رسالة يقع ترسيخها في ضمير الناس على الإعلام ورجال الفكر والرأي والدين، بعدما أكتفي أغلبهم بالنقل والوصف، دون أن يقدموا علاجاً مقنعاً لتلك الظاهرة التي تشكل ملمحاً من ملامح الخطر على الثورة.

أسأل الله حاضراً مستقراً ومستقبلاً زاهراً لمصرنا الحبيبة.
 -
عبد القادر مصطفى
معلم وكاتب

ليست هناك تعليقات:

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...