الخميس، 28 مارس 2013

التعليم ضد عقارب الساعة ..!!

التعليم ضد عقارب الساعة ..!!

عبد القادر مصطفى عبدالقادر

الجمعة 2013/3/29 2:48 ص

لا أنكر أن وزارة التربية التعليم تبذل جهداً من أجل التعليم المصري، ولكنه جهد يُبذل بمعزل عن حقائق عصرية لا تخفى على باحث، الأمر الذي يؤكد على عدم سعي راسمي السياسات التعليمية إلى  تأسيس مستقبل تعليمي واعد، يقود خطى الأمة نحو النهضة.. بما يعني مواصلة سياسة الحرث في البحر، والإعراض - كالعادة - على وضع إستراتيجية طويلة المدى لتعليم عصري متطور.

يبدو أن القرارات التي تصدر بخصوص التعليم المصري، تراعي الموائمة لإرضاء الأطراف المؤثرة في صنع القرار التعليمي، أكثر مما تراعي ضرورة النقلة النوعية التي يتعطش التعليم لها منذ أمد بعيد، يؤكد هذا قرار وزير التربية والتعليم الأخير، والذي صدر تحت رقم (88) بتاريخ 26/3/2013 بشأن الثانوية العامة الجديدة، حيث جاء القرار الطويل كسائر القرارات السابقة معالجاً للشكل دون المضمون، وسابحاً بجوار الشاطئ على استحياء، دون الغوص في بطون المشكلات المزمنة التي ألمت بهذه المرحلة التعليمية الهامة، فأصابتها بالشلل الرباعي.

كنتُ أتمنى أن تصل أصوات المنادين بإدخال علم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بتطبيقاتها المختلفة كمادة أساسية في الثانوية العامة الجديدة، التي سيطبق نظامها على طلاب الصف الثالث الثانوي لعام 2013/2014م، على اعتبار أنها مادة علمية تطبيقية مؤهلة للعديد من كليات الهندسة والتكنولوجيا ونظم المعلومات وهندسة البرمجيات والشبكات، ولكن كان للوزارة رأياً آخر فجعلتها نشاط من ضمن أحد عشر نشاطاً، يختار الطالب منها واحداً ليؤدي فيه امتحاناً عملياً في نهاية العام، في زجٍّ ظالم لهذا العلم العصري بين أنشطة الصحافة والمسرح والموسيقي والاقتصاد المنزلي.. الخ، لنبقى قاتلين لعلم تطبيقي نقل العديد من الدول إلى مصاف الدول الكبرى.. الهند، وكوريا، وماليزيا... الخ، نماذج مشرقة ومشرفة في هذا المضمار.

لا أدري متى سنبدأ؟، حيث كنتُ أتوقع بعد الثورة أن تكون ثورتنا النهضوية الأولى في مجال التعليم، ولكن قُتل حلمي، كما قتلت أحلام كثيرة بأيدي مرتعشين يتحسسون طريق الحياة بتوجس، ويقبلون على العلوم العصرية بخوف، والذين لم يكن لهم في تجارب العديد من الدول التي نجحت حافزاً نحو التحرر من التردد  للانطلاق نحو المستقبل بجرأة وثقة، ويكفي التشدق بالتجارب الناجحة لهذه الدول وقت الرغبة في تمرير أمر ما، دون امتلاك الإرادة الحقيقية في التعلم منها، والسير على هديها، والغوص في أسرارها، لنأخذ دائماً من تلك التجارب مجرد القشرة، التي لا تفضي إلى أي نتيجة حقيقية ملموسة.

أخشى ما أخشاه أن يقتصر تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المدارس الخاصة والجامعات الخاصة، دون المدارس والجامعات الحكومية، فهناك مؤشرات تقول: إن التعليم والتعلم الجيد سيكون قاصراً على الأغنياء القادرين على دفع تكلفته، وأن هذا التعليم سيكون وحده المؤهل لسوق العمل في القادم من الأيام.. حدثني عن كيف صارت شهادة الثانوية العامة شهادة صالحة لمدة خمس سنوات؟، وكيف أنها صالحة لسوق العمل؟، وحدثني عن الاتجاه للتعليم الفني الذي يضم طلاباً لا يعرفون القراءة والكتابة، وحدثني عن التوسع في المدارس التجريبية.. لترسم صورة تقريبية للتعليم في مصر خلال العشر سنوات القادمة.. ولا عزاء للفقراء وهم السواد الأعظم من أبناء هذا البلد.

abdelkader_khalel@yahoo.com

الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...