الأربعاء، 18 يناير 2012

التربية الأخلاقية والإبداع




عبد القادر مصطفى عبد القادر
لا يمكن لعناصر التعليم والتدريب والتحفيز ، رغم أهميتها ، أن تخلق الموظف المبدع الخلاق في مجال عمله ، ما لم يكن مُعَدَّاً نفسياً ومُجهزاً عاطفياً لخوض غمار الوظيفة ، على نحو يدفعه لإجادتها وإتقانها والإبداع فيها.
ورغم هذا ، فلا زال النظام الإداري السائد في الواقع العربي يعتقد أن تجويد العناصر الثلاثة السابقة الذكر هي السبيل الوحيد الذي يؤدي إلى إحداث النهضة المنشودة في أداء الموظف ، وهو التصور الذي أثبتت التجارب المتتالية قصوره في ظل حالة التراخي والفتور التي أصابت كثيراً من الموظفين ، ذلك لأنهم فقدوا الحماس والمحبة لأعمالهم ، رغم حصولهم أغلبهم على شهادات عليا ، وخضوعهم لتدريب مستمر ، وحصولهم على مكافآت مٌغرية ، دليلُ ذلك انخفاض حجم الإنتاجية المستهدف من أداء الموظف كماً وكيفاً.
إنَّ الجوانب المادية رغم أهميتها تظل قاصرة عن إيجاد الموظف المثالي، ما لم يتواكب معها إيقاظ وتنمية الجوانب المعنوية عبر تربية خُلقية رشيدة، لأن التربية الأخلاقية هي القادرة على تفجير طاقات الحماس والإبداع والانتماء وكسر حلقة المألوف.. الخ.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: لماذا فقد الموظف حماسه لوظيفته، فراح يؤديها على نحو نمطي، بلا حب ولا إبداع؟!..
إنَّ لذلك أسباباً كثيرة ، أقتبس منها الآتي بإيجاز شديد :-
(1) التقصير في التربية الإيمانية السلوكية منذ الصغر ، إذ ينصب مفهوم التربية الإيمانية في واقعنا على الجوانب الساكنة في الدين ، دون التركيز على ما يجب أن يتبعها من سلوك ومعاملات في واقع الحياة ، فقضية أداء العمل بذمة وضمير ، ودقة وإتقان ، هي من قضايا الدين المتحركة التي لا تلقى العناية اللازمة في تربية النشء ، الأمر الذي يترتب عليه إنتاج عناصر بشرية مهملة و مستهترة.
(2) التقصير في بناء عنصر الانتماء للوطن ، وترك الأمر لبعض الشعارات الرنانة والأغاني الجوفاء .. دليل ذلك حجم التسيب الإهمال عند ممارسة العمل العام في كثير من القطاعات لدي كثير من موظفي الدولة ، الذين ينقلب حرصهم واهتمامهم ناحية النقيض إذا اتصل العمل بمصالحهم الشخصية والفئوية.
(3) ربط القيم بعنصر المادة ، فلا يعمل ولا يتقن إلا بمقابل مادي، وهو أمر يحطُّ من شأن المثل والقيم ، فكل ما يُعَيَّر بالمادة رخيص مهما علا ثمنه .. ولذلك لما قادت الرغبة المادية طموحاتنا الوظيفية ، توقف الكثيرون عن أداء أدوارهم على النحو المنشود.
هذه العناصر الثلاثة إن أحسنا إعدادها فسوف تشكل - في رأيي - الأساس المتين لعقيدة العمل لدي الموظف ، وهي الكفيلة بتفجير طاقات الإبداع لديه ، على نحو يؤهله لتجاوز المألوف ، وهو الأمر الذي لا تحققه شهادة عليا ، ولا يحققه تدريب مستمر ، ولا مكافآت سخية.

  الحكمة بعيدًا عن الميدان كذب! بقلمي: عبدالقادر مصطفي كلنا إلا من رحم نتلثم بالحكمة ما لم يكن لنا احتكاك مباشر ومعايشة حياتية مع القضي...